وإن استأجره على عمل في ذمته، وهو أن يجعل له (1) عملا، مثل خياطة، أو غير ذلك، جاز أخذ الرهن به، لأن ذلك ثابت في ذمته، لا يتعلق بعينه، وله أن يحصله بنفسه، أو بغيره، فإذا هرب، جاز بيع الرهن، واستيجار غيره بذلك، ليحصل ذلك العمل.
إذا رهن رجل عند غيره شيئا بدين إلى شهر، على أنه إن لم يقض إلى محله كان مبيعا منه بالدين الذي عليه، لم يصح الرهن، ولا البيع إجماعا، لأن الرهن موقت، والبيع متعلق بزمان مستقبل، هكذا ذكره شيخنا أبو جعفر الطوسي في مبسوطه (2).
وهو صحيح، والأدلة على صحته ما قدمناه نحن في هذا الباب، من قوله عليه السلام المجمع عليه: " لا يغلق الرهن " وما أوردناه من تفاسيره، وأقوال العلماء من الفقهاء، وأصحاب الغريب من اللغويين، وبيت زهير بن أبي سلمى المزني، وأيضا بيت كثير الذي في قصيدته اللامية:
غمر الرداء إذا تبسم ضاحكا غلقت لضحكته رقاب المال يعني أنه إذا ضحك، وهب وأعطى الأموال، وأخرجها عن يده، وصارت لغيره، فلا يقدر على ارتجاعها، ولا فكاكها، وهذا معنى قول الشاعر الآخر:
* فأمسى الرهن قد غلقا * معناه أنه لا يقدر على فكاك قبله من محبة هذه المرأة، فالرسول عليه السلام قد نهى أن يحصل الرهن، بحيث لا يفك، ولا يعود إلى ملك صاحبه الراهن، ولا يتملك المرتهن بالشرط المخالف، لقوله عليه السلام: " لا يغلق الرهن، الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه وعليه غرمه " (4) على ما أوضحناه فيما سلف، وحررناه.
أرض الخراج لا يصح رهنها، وهي كل أرض فتحت عنوة، لأنها ملك للمسلمين قاطبة، وكذلك أرض الوقف، لا يصح رهنها، فإن رهنها كان باطلا.