إن كان على قيمة العين إذا تلفت، لم يصح، لأن ذلك حق لم يثبت بعد، وإن كان على نفس العين، فكذلك، لأن استيفاء نفس العين من الرهن لا يصح.
وأن يكون الدين ثابتا، فلو قال: رهنتك كذا بعشرة دنانير تقرضنيها غدا، لم يصح.
وأن يكون لازما، كعوض القرض، والثمن، والأجرة وقيمة المتلف، وأرش الجناية، ولا يجوز أخذ الرهن على مال الكتابة المشروطة، لأنه عندنا غير لازم.
وإذا تكامل ما ذكرناه من هذه الشروط، صح الرهن بلا خلاف، وليس على صحته مع اختلال بعضها دليل.
فأما القبض، فقد اختلف قول أصحابنا، هل هو شرط في لزومه أم لا؟
فقال بعضهم بأنه شرط في لزومه من جهة الراهن دون المرتهن، وقال الأكثرون المحصلون منهم: يلزم بالإيجاب والقبول، وهذا هو الصحيح، لقوله تعالى: " أوفوا بالعقود " وهذا عقد يجب الوفاء به فأما قوله تعالى: " فرهان مقبوضة " (1) فهذا دليل الخطاب، وهو متروك عند المحصلين من أصحابنا، وقد يرجع عن دليل الخطاب عند من يعمل به، ويترك بدليل، والآية الأولى دليل على ذلك فالأول مذهب شيخنا أبي جعفر في نهايته (2)، وشيخنا المفيد في مقنعته (3) والثاني مذهب شيخنا أبي جعفر في مسائل خلافه (4)، فإنه رجع عما ذهب إليه في نهايته.
واستدامة القبض في الرهن ليس شرطا في صحته ولزومه.
ولا يجوز للراهن أن يتصرف في الرهن بما يبطل، أو ينقص حق المرتهن، كالبيع والهبة والرهن عند آخر، والعتق، فإن تصرف، كان تصرفه باطلا، ولم ينفسخ الرهن، لأن الأصل صحته، والقول بفسخه يحتاج إلى دليل، وإنما ينفسخ الرهن إذا فعل ما يبطل به حق المرتهن منه بإذنه، ويجوز له الانتفاع بما عدا ذلك، من سكنى الدار، وزراعة الأرض، وخدمة العبد، وركوب الدابة،