متيقنا لها، عارفا بالمقر، قاطعا عليه.
وإذا ادعى إنسان على أخرس شيئا، وكانت له إشارة معقولة، وكناية مفهومة، توصل الحاكم إلى إفهامه الدعوى، ومعرفة ما عنده فيها من إقرار أو إنكار، فإن أقر بالإشارة، أو أنكر بالكناية، حكم عليه بذلك.
وإن لم يكن له إشارة معقولة ولا كناية مفهومة، فقد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام، أنه كتب نسخة اليمين في لوح، ثم غسله وأمره أن يشربه، فامتنع، فألزمه الحق (1).
وإن كان يتساكت عن خصمه، وهو صحيح قادر على الكلام، وإنما يعاند بالسكوت، قال شيخنا في نهايته: أمر بحبسه حتى يقر أو ينكر، إلا أن يعفو الخصم عن حقه عليه. وكذلك إن أقر بشئ، ولم يبينه، كأنه يقول له علي شئ، ولا يذكر ما هو، ألزمه الحاكم بيان ما أقر به، فإن لم يفعل، حبسه حتى يبين (2).
قال محمد بن إدريس: والصحيح من مذهبنا، وأقوال أصحابنا، وما يقضيه المذهب، أن في المسألتين معا يجعله الحاكم ناكلا، ويرد اليمين على خصمه.
وإلى هذا القول يذهب شيخنا أبو جعفر في مبسوطه، في فصل فيما على القاضي في الخصوم والشهود.
قال: فأما القسم الثالث، وهو إذا سكت أو قال لا أقر، ولا أنكر، قال له الحاكم ثلاثا: إما أجبت عن الدعوى، وإلا جعلناك ناكلا، ورددنا اليمين على خصمك.
وقال قوم: يحبسه، حتى يجيبه بإقرار أو إنكار، ولا يجعله ناكلا فيقضي بالنكول والسكوت، وقوله: لا أقر ولا أنكر، ليس بنكول.
قال شيخنا رحمه الله: والأول يقتضيه مذهبنا (3)، وإلى هذا يذهب ابن البراج من أصحابنا في كتابه المهذب، ويختاره (4).
وقال شيخنا أبو جعفر أيضا في مبسوطه في الجزء الثاني في كتاب الإقرار: