ولا بد في ذلك من الترتيب، وهو أن يشهد الشاهد أولا، ثم يحلف المدعي بعد ذلك، فإن حلف قبل شهادة الشاهد لا يعتد بذلك.
فإن قال من أقام الشاهد: لست أختار اليمين مع الشاهد، ولا أضم إليه شاهدا آخر، واختار مطالبة المدعي عليه باليمين، كان له ذلك، فإن اختار الاستحلاف، نظرت، فإن اختار أن يسترد ما بذله، ويحلف هو، لم يكن له ذلك، لأن من بذل اليمين لخصمه، لم يكن له أن يستردها إلى نفسه بغير رضاه وإن اختار أن يقيم على ذلك، ويستحلف المدعى عليه، كان له، فإذا فعل هذا، لم يخل المدعى عليه من أحد أمرين، إما أن يحلف، أو ينكل، بضم الكاف، فإن حلف أسقط (1) دعوى المدعي، وإن لم يحلف فقد نكل، وحصل مع المدعي نكول وشاهد، وهل يقضي بنكوله مع شاهد المدعي؟ فعندنا أنه لا يحكم به عليه.
فإذا تقرر أنه لا يحكم عليه بمجرد النكول، فهل ترد اليمين على المدعي أم لا؟ قال بعض المخالفين لمذهبنا: لا ترد عليه، لأنها يمين بذلها لخصمه، فإذا عفا عنها لم تعد إلى باذلها، كيمين المدعى عليه، إذا بذلها للمدعي، ثم عفا عنها، فإنها لا تعود إلى باذلها.
وقال قوم: ترد إليه، وهذا هو الصحيح الذي يقتضيه مذهبنا، لأن هذه غير تلك، فإن هذه يمين الرد، يقضي بها في الأموال وغيرها، وتلك يمينه مع الشاهد، لا يقضي بها في غير الأموال، وسببها غير سبب تلك، فإن سببها نكول المدعى عليه.
إذا ادعى على رجل أنه سرق نصابا من حرز، وأقام به شاهدا واحدا، حلف مع شاهده، ولزم الغرم، دون القطع، لأن السرقة توجب شيئين، غرما