إذا ادعى الرجل دما على قوم، لم يخل من أحد أمرين، إما أن يكون معه أمارة تدل على صدق ما يدعيه، أو لا تكون، فإن لم يكن معه ذلك، فالقول قول المدعى عليه مع يمينه، فإن حلف برئ، وإن لم يحلف، رددنا اليمين على المدعي، فيحلف، ويستحق ما ادعاه، إن كان قتلا عمدا استحق القود عندنا، وإن كان غير عمد استحق الدية، ولا فصل بين هذا وبين سائر الدعاوي، إلا في صفة اليمين، فإن الدعوى إذا كانت قتلا ودما، فهل تغلظ الأيمان فيه أم لا؟
قال قوم: تغلظ، وقال آخرون: لا تغلظ، وهو الأظهر.
وإن كان معه أمارة تدل على دعواه، ويشهد القلب بصدق ما يدعيه، وهذا يسمى لوثا، بفتح اللام، وتسكين الواو، والثاء المنقطة بثلاث نقط، مثل أن يشهد معه شاهد واحد، أو وجد القتيل في برية، والقتيل طري، والدم جار، وبالقرب منه رجل معه سكين عليها دم، والرجل ملوث بالدم، أو وجد في قرية لا يدخلها غير أهلها، وهكذا لو وجد في دار فيها قوم، قد اجتمعوا على أمر من طعام أو غيره، فوجد قتيل بينهم، فهذا لوث، فالظاهر أنهم قتلوه.
فمتى كان مع المدعي لوث، فالقول قوله، يبدأ به باليمين، ويحلف خمسين يمينا، إن كان القتل عمدا، وخمسا وعشرين يمينا، إن كان خطأ، فإن حلف على قتل عمد محض، عندنا يقاد المدعى عليه به.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: وصفة القسامة أنه إذا لم يوجد في الدم رجلان عدلان، يشهدان بالقتل، فأحضر ولي المقتول خمسين رجلا من قومه، يقسمون (1) بالله تعالى، على أنه قتل صاحبهم، فإذا حلفوا، قضي لهم بالدية، فإذا حضر دون الخمسين، حلف ولي الدم بالله، من الأيمان ما يتم بها الخمسين، وكان له الدية، فإذا لم يكن له أحد يشهد له، حلف هو خمسين يمينا، ووجبت له الدية (2).