يكن لهما سيد يشهدان عليه، وإنما تجدد الرق بعد شهادتهما، بل إن قيل شهدا لسيدهما الحقيقي، كان صحيحا.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: فإن ذكرا أن مولاهما كان أعتقهما في حال ما أشهدهما، لم يجز للمقر له أن يردهما في الرق، ويقبل شهادتهما في ذلك، لأنهما أحييا حقه (1).
وهذا غير واضح ولا مستقيم، لأن هذه الشهادة الأخيرة تكون شهادة (2) على سيدهما، وقد بينا أنه لا يجوز شهادة العبيد على ساداتهم، بغير خلاف بين أصحابنا، وإن كان قد ذهب شيخنا أبو جعفر في استبصاره متأولا للأخبار، إلى أن شهادة العبيد لا تقبل لساداتهم، وهذا أيضا غير مستقيم ولا واضح، بل الإجماع منعقد على جواز شهاداتهم لساداتهم، وهو موافق لهذا القول في نهايته، فلا يلتفت إلى قوله الذي يخالف فيه الإجماع.
ولا بأس بشهادة المكاتبين والمدبرين، وتقبل شهادة المكاتبين المطلقين، بمقدار ما عتقوا، بفتح العين، يقال عتق العبد في نفسه، وأعتقه غيره على ساداتهم، ولي فيه نظر.
فأما شهادة المدبرين، فحكمهم حكم العبيد في الشهادات، حرفا فحرفا.
وكل من ذكرنا من العبيد والمكاتبين والمدبرين، تقبل شهاداتهم على أهل الإسلام، إلا من استثنيناهم من ساداتهم، ولأهل الإسلام، ولمن خالف الإسلام، من الأحرار والعبيد، في سائر الحقوق، والحدود، وغير ذلك مما تراعى فيه الشهادة.
وتجوز شهادة الصبيان دون الصبايا، إذا بلغوا عشر سنين فصاعدا، إلى أن يبلغوا في شيئين فحسب، الشجاج والقصاص، ويؤخذ بأول كلامهم، ولا يؤخذ بآخره، ولا تقبل شهادتهم فيما عدا ذلك من جميع الأحكام.