الحقوق ضربان، حق لله، وحق الآدمي، فأما حق الآدمي، فإنه ينقسم في باب الشهادة ثلاثة أقسام، أحدها لا يثبت إلا بشاهدين ذكرين، وهو ما لم يكن مالا ولا المقصود منه المال، وتطلع عليه الرجال، كالنكاح، والخلع، والطلاق والرجعة، والتوكيل له، والوصية إليه، والجناية الموجبة للقود، والعتق، والنسب.
والثاني ما يثبت بشاهدين، وشاهد وامرأتين، وشاهد ويمين، وهو كل ما كان مالا، أو المقصود منه المال، فالمال: القرض، والغصب، والمقصود منه المال:
عقود المعاوضات، البيع، والصرف، والسلم، والصلح، والإجارات، والمساقات، والضمانات، والحوالات، والقراض، والرهن، والوقف، والوصية له لا إليه، والجناية التي توجب المال، غمدا كانت أو خطأ كالحائفة والمأمومة، وقتل الحر عبدا عمدا، ونحو ذلك.
والثالث ما يثبت بشاهدين، وشاهد وامرأتين، وأربع نسوة، وهو الولادة، والرضاع عند بعض أصحابنا، وإن كان الأكثر منهم لا يقبل في الرضاع شهادة النساء والاستهلال، والعيوب تحت الثياب.
فأما حقوق الله تعالى فجميعها لا مدخل لشهادة النساء، ولا للشاهد مع اليمين فيها، وهي على ثلاثة أضرب، ما لا يثبت إلا بأربعة، وهو الزنا، واللواط، والسحق، وقد روى أصحابنا، أن الزنا يثبت بثلاثة رجال وامرأتين، وبرجلين وأربع نسوة (1)، ونشرح ذلك عند المصير إليه إن شاء الله.
والثاني ما لا يثبت إلا بشاهدين، وهو الردة، والسرقة، وحد الحر في شرب المسكر، وكذا العبد فيه سواء عندنا.
والثالث ما اختلف فيه وهو الإقرار بالزنا، فإنه قال قوم: لا يثبت إلا بأربعة، كالزنا، وقال آخرون: يثبت بشاهدين، كسائر الإقرارات، وهو الأليق