شهادة أحد، لأنه لا أحد ينفك من مواقعة بعض المعاصي (1).
قال محمد بن إدريس، رحمه الله: وهذا القول لم يذهب إليه رحمه الله، إلا في هذا الكتاب، أعني المبسوط، ولا ذهب إليه أحد من أصحابنا، لأنه لا صغائر عندنا في المعاصي، إلا بالإضافة إلى غيرها، وما خرجه واستدل به، من أنه يؤدي ذلك إلى أن لا تقبل شهادة أحد، لأنه لا أحد ينفك من مواقعة بعض المعاصي، فغير واضح، لأنه قادر على التوبة من ذلك الصغير فإذا تاب قبلت شهادته.
وليست التوبة مما يتعذر على إنسان، ولا شك أن هذا القول تخريج لبعض المخالفين، فاختاره شيخنا هاهنا، ونصره، وأورده على جهته، ولم يقل عليه شيئا، لأن هذا عادته في كثير مما يورده في هذا الكتاب.
فأما شهادة أهل الصنايع الدنية، كالحارس، والحجام، والحايك، والزبال، وما أشبه ذلك، فعندنا أن شهادتهم مقبولة، إذا كانوا عدولا في أديانهم، لقوله تعالى: " إن أكرمكم عند الله أتقيكم " (2).
كل من يجر بشهادته نفعا إلى نفسه، أو يدفع ضررا عنها، فإن شهادته لا تقبل، فالجار إلى نفسه هو أن يشهد الغرماء للمفلس المحجور عليه، أو يشهد السيد لعبده المأذون له في التجارة، والوصي بمال الموصي، الذي له فيه تصرف، والوكيل بمال الموكل، كذلك والشريك لشريكه، بحق هو شركة بينهما.
والدافع عن نفسه، هو أن تقوم البينة على رجل بقتل الخطأ، فشهد اثنان من عاقلة الجاني بجرح الشهود، أو قامت البينة بمال على الموكل، وعلى الموصي، فشهد الوكيل والوصي بجرح الشهود، فلا تقبل الشهادة في هذه المواضع، وما شاكلها، لقوله عليه السلام: لا يجوز شهادة خصم، ولا ظنين (3)، وهو المتهم،