فأما إذا لم يدع الوكالة، ولا قال للمرأة إنه وكيل فلان، بل عقد للرجل (1) عليها، فالنكاح موقوف عندنا على الإجازة، فإن رضي الذي عقد له على المرأة، كان النكاح ماضيا، ولزم المعقود له النكاح، والمهر جميعا، وإن لم يرض بالعقد، كان النكاح مفسوخا، ولم يلزم العاقد شئ من المهر، لأنه ما غر المرأة، ولا ادعى الوكالة في العقد، بخلاف المسألة الأولة، التي قلنا فيها يلزمه نصف مهرها لأنه غرها بقوله (2)، قد وكلني فلان على العقد عليك، ولم يكن له بينة بذلك فلزمه المهر، لأنه حينئذ غرها، على ما وردت الأخبار (3) بذلك، فافترق الأمران.
فإن عقد له على التي أمره بالعقد عليها، ثم أنكر الموكل أن يكون أمره بذلك، ولم يقم للوكيل بينة بوكالته بالعقد، لزم الوكيل أيضا نصف المهر المسمى، ولم يلزم الموكل شئ، وجاز للمرأة أن تتزوج بعد ذلك، غير أنه لا يحل للموكل، إن كان وكله في العقد عليها فيما بينه وبين الله تعالى، إلا أن يطلقها ويغرم لها نصف المسمى، لأن العقد يكون قد ثبت عليه، وهذا أمر راجع إليه، ومنكر لا يعلمه غيره، فيجب عليه إزالته، وإنكاره.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: في جميع ذلك يلزم الوكيل المهر (4) وأطلق القول بذلك، ولم يقل نصف المهر.
وفي مبسوطه يقول بنصف المهر (5)، وكذلك في تهذيب الأحكام (6) على ما وردت الأخبار.
وقوله في نهايته: لزمه المهر، فكأنه أراد المستحق (7) عليه، بعد تخلية المرأة، وجواز العقد عليها لغيره، فهو بمنزلة الطلاق قبل الدخول، فأقام إنكاره التوكيل