دليلنا أن الأصل براءة الذمة، وشغلها يحتاج إلى دليل، وأيضا قوله زنأت في الجبل، حقيقته الصعود، فأما الرمي بالزنا فإنما يقال فيه زنيت، ولا يقال زنأت، ألا ترى أن القائل يقول زنأت، أزنو، زنأ يعني صعدت، وزنيت أزني، زنا وزناء بالمد والقصر لغتان، يعني فعلت الزنا، فإحدى الصيغتين تخالف الأخرى، وقال الشاعر وهي امرأة:
أشبه أبا أمك أو أشبه عمل ولا تكونن كهلوف وكل يصبح في مضجعه قد انجدل وارق إلى الخيرات زنأ في الجبل وأيضا لو كانت هذه اللفظة تحتمل، لوجب أن لا تحمل على القذف بالمحتمل، لأن الحدود موضوعة على أنها تدرأ بالشبهات (1) هذا آخر المسألة.
قال الجوهري في كتابه كتاب الصحاح: وعمل اسم رجل، وقالت امرأة ترقص ولدها:
أشبه أبا أمك أو أشبه عمل وأرق إلى الخيرات زنا في الجبل (2) عمل اسم لرجل وهو خاله، تقول: لا تجاوزنا في الشبه.
وقال السيد المرتضى في الدرر والغرر لما أنشد البيت، قال: روى أبو زيد: أن قيس بن عاصم المنقري أخذ صبيا له يرقصه، وأم ذلك الصبي منفوسة، وهي بنت زيد الفوارس بن ضرار الضبي، فجعل قيس يقول له: أشبه أبا أمك أو أشبه عمل * يريد عملي. والوكل: الجبان، والهلوف - بكسر الهاء وفتح اللام وتشديدها، والفاء -: الهرم المسن، وهو أيضا الكبير اللحية (3) فعلى قول المرتضى الشعر لقيس بن عاصم، وعلى قول الشيخ أبي جعفر والجوهري الشعر لامرأة.
وعلى قول المرتضى لا يكون عمل اسم رجل، وعلى قول الجوهري هو اسم رجل، وهو الأولى والأشبه.