وقال في مسائل خلافه: مسألة إذا قذف الرجل زوجته، ووجب عليه الحد، فأراد اللعان، فمات القاذف أو المقذوفة، انتقل ما كان لها من المطالبة بالحد إلى ورثتها، ويقومون مقامها في المطالبة، وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: ليس لهم ذلك، بناه على أصله، أن ذلك من حقوق الله، دون الآدميين، دليلنا: ما تقدم من أن ذلك من حقوق الآدميين، فإذا ثبت ذلك فكل من قال بذلك، قال بهذا ولم يفرق (1) هذا آخر المسألة.
وقال أيضا: مسألة، إذا لاعن الزوج، تعلق بلعانه سقوط الحد عنه، وانتفاء النسب، وزوال الفراش، وحرمت المرأة على التأبيد، ويجب على المرأة الحد، ولعان المرأة لا يتعلق به أكثر من سقوط حد الزنا عنها، وحكم الحاكم لا تأثير له في إلحاق شئ من هذه الأحكام، فإذا حكم بالفرقة، فإنما تنفذ الفرقة التي كانت وقعت بلعان الزوج، لا أنه يبتدئ إيقاع فرقة، وبهذا قال الشافعي، وذهبت طائفة إلى أن هذه الأحكام تتعلق بلعان الزوجين معا، فما لم يوجد اللعان بينهما لم يثبت شئ منها، ذهب إليه مالك، وأحمد وداود، وهو الذي يقتضيه مذهبنا، ثم استدل فقال: دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم، فإنها دالة على ما قلناه، وروى ابن عباس (2) أن النبي عليه السلام قال: المتلاعنان لا يجتمعان أبدا (3).
هذا آخر استدلاله في مسألته رحمه الله، وهذا مثل ما ذكره في مبسوطه.
وأيضا الرواية التي أوردها في نهايته مخالفة لأصول المذهب، وقد بينا أن أخبار الآحاد لا يعمل بها، لأنها لا توجب علما ولا عملا.