وقد أجمعت الأمة على أن الملاعن لو قال في شهادته أشهد بالله أربعا: أني لمن الصادقين، لم يكن شاهدا أربع مرات على الحقيقة، حتى يفصلها.
ولو أن حاجا رمى بسبع حصيات في دفعة واحدة، لم يجزئه ذلك عن سبع متفرقات، فهذا بين واضح لمن تدبره، وأعطى النظر حقه، وحرره، وأنصف عن نفسه، ووزن الحق بميزان عقله، وترك التقليد جانبا، وحب المذهب والنشو والعادة وراء ظهره، واعتقد المعاد والحساب وسؤال منكر ونكير في رمسه، واستدرك في يومه ما فرط في أمسه.
وأيضا فقد قال الله تعالى: " إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة " (1) فأمر بإحصاء العدة، ثبت أنه أراد في كل قرء طلقة، لأنه لو أمكن الجمع بين الثلاث، لما احتاج إلى إحصاء العدة في غير المدخول بها وذلك خلاف الظاهر.
فإن قيل: العدد إذا ذكر عقيب الاسم، لم يقتض التفريق، مثاله إذا قال له على مائة درهم مرتان، وإذا ذكر عقيب الفعل اقتضى التفريق، مثاله أدخل الدار مرتين، أو ضربته مرتين، والعدد في آية الطلاق وهو قوله تعالى: " الطلاق مرتان " عقيب الاسم لا الفعل.
قلنا: قوله " الطلاق مرتان "، يعني طلقوا مرتين، لأنه لو كان خبرا لكان كذبا، فالعدد مذكور عقيب فعل، لا اسم فهذا آخر الجواب، أجبت إيراده هاهنا لئلا يشذ.
وقد روى أصحابنا روايات متظاهرة بينهم، متناصرة، وأجمعوا عليها قولا وعملا، أنه إن كان المطلق مخالفا، وكان ممن يعتقد وقوع الطلاق الثلاث، لزمه ذلك، ووقعت الفرقة به، وإنما لا يقع الفرقة إذا كان الرجل معتقدا للحق.
فأما الشرائط الخاصة، فهو الحيض، لأن الحائض لا يقع طلاقها إذا كان