لمذهب أهل البيت عليهم السلام يجعله فرع البيع، ويراعى فيه شرائع البيع.
ولأجل ذلك ذكر شيخنا أبو جعفر رحمه الله في مسائل الخلاف، في الجزء الثاني في كتاب الصلح: مسألة، إذا أتلف رجل على غيره ثوبا يساوي دينارا، فأقر له به، وصالحه على دينارين، لم يصح ذلك، وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة يجوز ذلك، قال شيخنا: دليلنا، أنه إذا أتلف عليه الثوب، وجبت في ذمته قيمته، بدلالة أن له مطالبته بقيمته، فالقيمة هاهنا دينار واحد، فلو أجزنا أن يصالحه على أكثر من دينار، كان بيعا للدينار بأكثر منه، وذلك ربا لا يجوز (1).
قال محمد بن إدريس رحمه الله مصنف هذا الكتاب: هذه المسألة بناها شيخنا على مذهب الشافعي، لأن الشافعي يقول أن الصلح فرع البيع، فذهب إلى قول الشافعي في هذه المسألة، والصحيح خلاف ذلك، وأنه يجوز الصلح على الثوب المذكور بالدينارين، بغير خلاف، بين أصحابنا الإمامية.
وشيخنا أبو جعفر في مبسوطه، قال لما ذكر مقالة الشافعي: ويقوى في نفسي، أن يكون (2) هذا الصلح أصلا قائما بنفسه، ولا يكون فرع البيع، ولا يحتاج إلى شرائط البيع، واعتبار خيار المجلس على ما بيناه فيما مضى (3).
ويجوز الصلح على الإنكار كما يجوز الصلح على الإقرار، فأما صورة الصلح على الإنكار، هو أن يدعي على رجل عينا في يده، أو دينا في ذمته، وأنكر المدعي عليه، ثم صالحه منه على مال اتفقا عليه، يصح الصلح، ويملك المدعي المال الذي يقبضه، من المدعى عليه، ظاهرا وباطنا، إن كان صادقا في دعواه وليس له أن يرجع فيطالبه به، ولا يجب على المدعي رده عليه، ويسقط دعوى المدعي فيما ادعاه.
وإن كان قد صرح بإبرائه فيما ادعاه وإسقاط حقه عنه كان صحيحا، وغاية في المقصود.
وإن كان في دعواه كاذبا، فإن المدعي يملك المال الذي يقبضه من المدعى