ذكره شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه (1)، وناظر المخالفين على صحته ودل عليه.
وقد كنا قلنا أن بعض أصحابنا المتأخرين ذكر في تصنيف له (2)، وقفنا عليه، وعاودناه في مطالعته في حال حياة مصنفه، ونبهناه على تجاوز نظره الحق في المسألة، لأنه قال: لا يجب الزكاة إلا على رب النخل دون المساقي، وكذلك في المزارعة: لا تجب إلا على من يكون منه البذر، دون الأكار، لأن ما يأخذه كالأجرة، والأجرة لا زكاة فيها، وهذا منه رحمه الله تسامح عظيم، والذي ذهب إليه أحد قولي الشافعي.
واستدل شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه، على صحة ما قلناه، فقال:
دليلنا أنه إذا كانت الثمرة ملكا لهما، فوجبت الزكاة على كل واحد منهما، فمن أوجب على أحدهما دون الآخر، كان عليه الدليل (3)، الودي، بالواو المفتوحة، والدال غير المعجمة المكسورة، والياء المشددة، هو صغار النخل قبل أن تحمل، فإذا ساقاه على ودي، ففيها ثلاث مسائل.
إحداها ساقاه إلى مدة يحمل مثلها غالبا، فالمساقاة صحيحة، لأنه ليس فيه أكثر، من أن عمل العامل يكثر ويقل نصيبه، وهذا لا يمنع صحتها، كما لو جعل له سهم من ألف سهم، فإذا عمل، نظرت، فإن حملت، فله ما شرط، وإن لم تحمل شيئا، فلا شئ له، لأنها مساقاة صحيحة، ونصيبه من ثمارها معلوم، فإذا لم تثمر لم يستحق شيئا، كالقراض الصحيح إذا لم يربح شيئا.
الثانية ساقاه إلى مدة لا يحمل الودي إليها، فالمساقاة باطلة.
الثالثة ساقاه إلى وقت قد تحمل وقد لا تحمل، وليس أحدهما أولى من الآخر، فهذه أيضا مساقاة باطلة.