النارين في الحالين فما عذبه سوى ما أنشأه كذلك ما أغضب الحق سوى ما خلقه فلو لا الخلق ما غضب الحق ولولا المكلف الذي أنشأ صورة النارين بعمله الظاهر والباطن ما تعذب بنار فما جنى أحد على أحد في الحقيقة والنظر الصحيح فلا تعمل فلا تشقى * فكن عبدا وكن حقا فما ثم سوى ما قلته * فانظر تر الحقا عذاب الخلق بالخلق * فحقا كنت أو خلقا (ومن ذلك) فالنار منك وبالأعمال توقدها * كما بصالحها في الحال تطفيها فأنت بالطبع منها هارب أبدا * وأنت في كل حال فيك تنشيها أما لنفسك عقل في تصرفها * وقد أتيت إليها اليوم أنبيها قبل الممات فإن الله قال لنا * بأنه يوم عرض الخلق يملئوها واعلم أنه تعالى لما ذكر على السنة رسله ع إن الله يغضب يوم القيامة غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وأن الحق إذا قالت النار هل من مزيد لأنه وعدها أن يملأها وهي دار الغضب قال فيضع الجبار فيها قدمه فتقول قط قط أي قد امتلأت وليست تلك القدم إلا غضب الله فإذا وضعه فيها امتلأت فإنها دار الغضب واتصف الحق بالرحمة الواسعة فوسعت رحمته جهنم بما ملأها به من غضبه فهي ملتذة بما اختزنته ورحم الله من فيها أعني في النار الذين هم أهلها فيجعل لهم من هذه الرحمة نعيما فيها كما نعم جهنم بما وضع فيها من الغضب الإلهي فإن المخلوق الذي من حقيقته أن يفنى لا يملؤه مخلوق فإنه كل ما حصل منه فيه أفناه كما ورد في نضج الجلود فلا يملأ مخلوقا إلا الحق وغضب الله حق فأنعم على جهنم به فوضعه فيها فامتلأت بحق كما امتلأت الجنة برضى الحق ورحمته قد وسع الحق كل شئ * لأنه عين كل شئ فما ترى فيه غير حق * في كل نور وكل في (ومن ذلك) فنار الله ليس سوى وجودي * ونار جهنم ذات الوقود بآلهة تعبدها أناس * وهم فيها على حكم الخلود ولقد رأيت في هذا الوصل مشهدا هالني في الواقعة وتليت على سورة الواقعة بلسان امرأة من صالحات المؤمنات عرضا علي فكان من صورة ما تلته ثلة من الأولين ثلة من الآخرين بحذف واو العطف ولم يكن عندي من ذلك سر قبل هذا فرددت عليها لتقرأ ذلك بحرف الواو فلم تفعل فرجعت إلى نفسي وعلمت ما نبهني الحق به في ذلك الحذف من الاقتطاع بين العالم فإذ جاء بالواو راعى ما يقع فيه الاشتراك في الصورة الظاهرة والمفهوم الأول وإذا أزال الواو راعى ما يقع به التمييز والانفراد الذي به حقيقة ذلك الشئ لأنه لا حقيقة له إلا بما يتميز به فعلمت ما أراد بحذف الواو من نطقها بذلك وهو الله ليعلم أنه ليس كمثله شئ مع وجود الأشياء وأنه بعدمها ووجودها منفي المماثلة وما بقي الأمر الأهل هو منفي المناسبة أم لا لأن الإيجاد بغير المناسبة لا يتصور وقد حصل الإيجاد وظهر المخلوق فعلمنا إن المناسب لا بد منه ولا يعطي المماثلة أصلا لأن الخلق كله لله والأمر كله لله فلا شركة فارتفعت المماثلة مع وجود المناسب الذي يطلبه الحق بذاته وكل خلق أضيف إلى خلق فمجاز وصورة حجابية ليعلم العالم من الجاهل وفضل الخلق بعضهم على بعض ليتحقق الشكر من الفاضل والطلب والافتقار من المفضول فيزاد الفاضل لشكره ويعطي المفضول لطلبه فكل في مزيد ولا يرتفع التفاضل كلما ارتقى الفاضل بالمزيد درجة ارتقى المفضول خلفه يطلبه درجة فالكل في ارتقاء من غير لحوق ناداني الحق من وجودي * في كل حال على الشهود امتلأت ذاتكم فقلنا * ملا محال هل من مزيد
(٣٨٦)