وواكب ذلك بالضرورة وجود معارضة لهذا التيار الهادر بغض النظر عن قلتها أو كثرتها، وكانت محجمة بالضرورة، لأن زورقها يجري ضد التيار العام والتلميح عن ذلك يغني أستاذي الفاضل عن التصريح وأخطر ما يتعرض له الباحث عن الحقيقة هو الركون التام لأحد هذين الموردين، فلا بد من أخذ وجهة نظر كل منهما بحذر، وعناية، ودقة، وموضوعية تامة في كل مسألة من المسائل، تمهيدا لتكوين رؤية علمية عامة، ودقيقة، ومتكاملة. وبعد ذلك وزنهما بميزان الشرع الحنيف بمعناه الدقيق تمهيدا لاستجلاء كليات وتفاصيل تغطية البيان الإلهي لكل شئ وعلى الإطلاق.
ما لا بد منه حتى لا نبحث عن الحلقة في صحراء، أو عن النجم في سماء، لا بد من البحث عن المرجعية لأنها توفر بتوجيهاتها عناء البحث عن هذه الحلقة، وترشد مسيرة العقل البشري، وتدلنا على أقصر الطرق للوقوف على الحقيقة المجردة، وتقدم لنا كل ذلك أجوبة قائمة على الجزم واليقين، ويكفي مؤسسة المرجعية شرفا أن محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) كان هو المرجعية الأولى في الإسلام، وقد لا يخفى على أستاذي الكريم أن أسباب فرقة الأمة تكمن في تعدد المرجعيات، وتعدد اجتهاداتها القائمة على الفرض والتخمين. وهذا موضوع لطول غربته يتصوره العلماء العرب مع خطورته كأنه ضرب من الأوهام.
استنفار وأستاذي الكريم بحكم تعدد شهاداته العلمية، وبحكم تفرغه للبحث والدراسة والتدريس، وبحكم إصراره على ذلك، ومتابعته له مؤهل لبحث هذا الموضوع تفصيلا بسلسلة من الحلقات يحدد إطارها العام، وتأخذ شكل المداخلات مع حوار متحضر منتظم يستفيد منه العامة والخاصة، واللواء برئاستها الجليلة المتبصرة لن تضيق بذلك بل ستفتح صدرها الرحيب له، وترضعه من أثدائها الدارة، وتحشد لإنجاحه صفوة العلماء.