ومن هنا جاءت محاصرة أحاديث الرسول، ومنع كتابتها وروايتها، والقول بأن القرآن وحده يكفي، ولا حاجة لأي شئ آخر!
كانت هذه المقولات والإجراءات ضربات معلم حقيقية، حيدت الإمام عليا، وحيدت علمه، وحيدت الشرعية علميا، وفتحت كل الأبواب أمام الرأي أو العمل بالرأي، أو ما سمي في ما بعد بالاجتهاد، وهكذا عطلوا دور أهل بيت النبوة في بيان الأحكام بيانا قائما على الجزم واليقين، واستبدلوا ذلك بالحكام وبآرائهم القائمة على الفرض والتخمين.
فالحكم الناتج عن الرأي أو الاجتهاد هو حكم ظني بأحسن صوره، فقد يصيب وقد يخطئ، بينما الحكم الإلهي الذي وثقه أهل البيت ودونوا بيانه، حكم قائم على الجزم واليقين. وشتان ما بين الفرض والتخمين، وما بين الجزم واليقين.
إنها سنة الشك التي غرسها الحكام بآل محمد، وألهموها لرعاياهم يوما بعد يوم، حتى أصبحت سنة يصعب مقاومتها، وعرفا ملزما يتناقلها الناس بالإرث والتقليد!!
10 - أخبار عن الجفر والجامعة عند شيعة الدولة أورد ابن الطقطقي - ت 709 - في كتابه الفخري في الآداب السلطانية مجلد 3 صفحة 123 - 124: أن المأمون اختبر أحوال البيتين العباسي والعلوي فلم ير فيهما أصلح، ولا أفضل، ولا أورع، ولا أدين، من الإمام علي بن موسى الرضا، فعهد إليه، وألزم الرضا بذلك، فامتنع الرضا ثم أجاب، ووضع خطه في ظاهر كتاب المأمون بما معناه:
إني قد أجبت امتثالا للأمر، وإن كان الجفر والجامعة يدلان على غير ذلك.
قال المير سيد علي بن محمد بن علي الحنفي الأسترآبادي (ت 816) في شرح مواقف القاضي الإيجي (ت 756) عن الجفر والجامعة: هما كتابان للإمام علي (رضي الله عنه) قد ذكر فيهما - على طريقة علم الحروف - الحوادث التي تحدث إلى انقراض العالم، وكانت الأئمة من أولاده يعرفونها ويحكمون بها، وفي كتاب قبول العهد الذي كتبه علي بن موسى الرضا (رضي الله عنه) إلى المأمون (إنك قد عرفت من حقوقنا ما لم يعرفه آباؤك، فقبلت