انطلقت الدولة وأعطت إشارة البدء بتدوين أحاديث الرسول، وكتابتها، وروايتها بعد حصار دام 95 عاما، وانطلق علماء الدولة يروون أحاديث رسول الله عن كل عابر سبيل، وركزوا تركيزا خاصا على ما بقي من الصحابة الكرام، أي صحابي رأى الرسول، أو رآه الرسول، أو أي شخص مستور الحال على حد تعبيرهم، وقد أخذ العلماء من كل الناس باستثناء أئمة أهل البيت الكرام، لمجموعة من الأسباب، منها حذر الدولة منهم، ومنها سنة الشك التي أوجدها الحكام بهم.
وتمخضت تلك الإنطلاقة عن الصحاح الستة التي أوردنا ذكرها.
وبالرغم من الحصار المرير الذي فرضه الحكام على أهل البيت الكرام عامة، وعلى أئمة أهل البيت خاصة، فإن الأئمة الكرام لم يتوقفوا لحظة واحدة عن بيان سنة جدهم ونبيهم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولا تركوا وسيلة يتسرب منها البيان إلا وسلكوها، وعندما شرعت الدولة برفع الحصار عن كتابة أحاديث الرسول وروايتها اغتنم الأئمة الكرام هذه الفرصة، وشرعوا ببيان سنة جدهم لسببين:
الأول: تثقيف شيعة أهل البيت بأحكام دينهم (القرآن وبيان هذا القرآن المتمثل بقول الرسول وفعله وتقريره).
والسبب الثاني: لتكون انطلاقتهم العلمية نبعا يستقي منه من يشاء علماء الدولة، وعلى هذا الصعيد تخرج على يد الإمام جعفر الصادق أربعة آلاف فقيه ومحدث، وتتملذ على يديه مباشرة أو بالواسطة أئمة المذاهب الرسمية المعتمدة في الدولة الإسلامية!
وميزة علوم أئمة أهل البيت أنها قائمة على الجزم واليقين، إذ دونت هذه العلوم على عهد رسول الله، بخط علي وإملاء الرسول نفسه، وتناقلها الأئمة كابرا عن كابر، بعيدة عن التحريف، والزيادة والنقص، بسبب وثاقة التدوين.
18 - ثمرة انطلاقة الأئمة الكرام لم تصل إلينا ثمرات انطلاقة الأئمة الكرام من أهل البيت كلها، فقد استفادوا وحثوا تلاميذهم على الاستفادة من قرار الدولة برفع الحصار عن تدوين الحديث، ودون