وبث علي أحزانه، واشتكى واحتج، وقد أشرنا إلى ذلك في البحوث السابقة، واحتجت الزهراء، واحتج السبطان.
14 - أبو جعفر محمد بن علي الباقر يشكو حزنه وبثه إلى الله ما لقينا من ظلم قريش إيانا، وتظاهرهم علينا، وما لقي شيعتنا ومحبونا من الناس، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبض، وقد أخبر أننا أولى الناس بالناس، فتمالأت علينا قريش حتى أخرجت الأمر من معدنه، واحتجت على الأنصار بحجتنا، ثم تداولتها قريش، واحدا بعد واحد حتى رجعت إلينا، فنكثت بيعتنا، ونصبت الحرب لنا، ولم يزل صاحب الأمر في صعود كؤود حتى قتل، فبويع الحسن ابنه، وعوهد ثم غدر به وأسلم، ووثب عليه أهل العراق حتى طعن بخنجر في جنبه، ونهبت عسكره، وعولجت خلاخيل أمهات أولاده، فوادع معاوية وحقن دماء أهل بيته وهم قليل جد قليل.
ثم بايع الحسين من أهل العراق عشرون ألفا ثم غدروا به، وخرجوا عليه، وبيعته في أعناقهم!
ثم لم نزل أهل البيت نستذل ونستظام، ونقصى ونمتهن، ونحرم، ونقتل ونخاف ولا نأمن على دمائنا ودماء أوليائنا!
ووجد الكاذبون الجاحدون لكذبهم وجحودهم موضعا يتقربون به إلى أوليائهم وقضاة السوء وعمال السوء في كل بلد، فحدثوا بالأحاديث الموضوعة المكذوبة وزوروا علينا ما لم نقله ليبغضونا إلى الناس!
وكان عظم ذلك وكبره في زمن معاوية بعد موت الحسن فقتلت شيعتنا في كل بلد، وقطعت الأيدي والأرجل على الظنة، وكان من يذكر بحبنا والانقطاع إلينا سجن، أو نهب ماله أو هدمت داره!
ثم لم يزل البلاء يشتد ويزداد إلى زمان عبيد الله بن زياد قاتل الحسين.
ثم جاء الحجاج، فقتلهم كل قتلة، وأخذهم بكل ظنة وتهمة، حتى أن الرجل ليقال له زنديق أو كافر أحب إليه من أن يقال شيعة علي... مجلد 3 صفحة 595 من شرح النهج تحقيق حسن تميم.