وبعد ذلك أعلن النبي أنه ميت لا حالة، وأن حجته هي حجة الوداع، وأنه سيمرض، وسيموت في مرضه، وبنفس المقام أعلن أمام ماءة ألف حاج أو يزيدون أنه مولى وولي كل مؤمن، وصدقته الجموع الإسلامية على أنه المولى والولي والأولى من كل مؤمن بنفسه. بعد هذا التصديق أعلن بأمر من ربه (من كنت مولاه فهذا علي بن أبي طالب مولاه، فهو ولي المؤمنين من بعدي، وهو ولي كل مؤمن ومؤمنة من بعدي، وهو وليكم من بعدي).
وتزاحم الحاضرون بعد هذا الإعلان، وقدموا التهاني لعلي بن أبي طالب، وكان على رأس المهنئيين عمر بن الخطاب، وأبو بكر رضي الله عنهما، حيث قدموا له التهنئة بولايته على المؤمنين من بعد النبي، عندئذ نزل قوله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي).
ومن قبل هذا الموقف المشهود سماه النبي خليفة، وأعلنه خليفة من بعده، وسماه أمير المؤمنين وأعلنه أمير المؤمنين، وسماه سيد العرب وأعلنه سيدا للعرب، وسماه إماما وأعلنه إماما للمجتمع المؤمن.
3 - الترتيبات الإلهية إعلان خلافة علي، وإمارته للمؤمنين، وإمامته للمسلمين، وولايته عليهم، وسيادته على العرب، لم تكن رأيا شخصيا من النبي، إنما هي ترتيبات إلهية لقيادة موكب الإيمان بعد موت النبي. فعلي بما وهبه الله من ملكات خاصة، وبما زقه النبي من علم خاص، هو المؤهل الوحيد لبيان المنظومة الحقوقية بيانا قائما على الجزم واليقين، فقد تربى في كنف النبي، وعاش وإياه تحت سقف واحد طوال حياة النبي، وصاحبه قبل النبوة وبعدها، وتزوج البتول الطاهرة ورزق منها الحسن والحسين وهما ذرية النبي، وهو ابن عبد مناف المكنى بأبي طالب، الذي حمى النبي وحمى دعوته، وربى النبي واحتضن دينه الحنيف، وهو فوق كل ذلك فارس الإسلام الأوحد، فكل شجاعة