عماد الدين جاءت إجمالا في القرآن، وتولى النبي بيانها وكيفيتها وصيغتها وأركانها وشروطها... وهكذا الكثير من الأحكام والقواعد.
فالقول (حسبنا كتاب الله) قول غير معقول من كل الوجوه، وهو مقدمة لإيجاد ترتيب وضعي، يهدف إلى كف يد الشرع عن التدخل في رئاسة الدولة بعد النبي واستبدال الحكم الشرعي القائم على الجزم واليقين بالحكم الظني القائم على الفرض والتخمين.
5 - سبب هذه القناعة وتجذيرها بقوة الدولة آلت رئاسة الدولة لأبي بكر (رضي الله عنه) - بالطريقة التي وضحناها في كتابنا نظرية عدالة الصحابة والمرجعية السياسية في الإسلام - باب القيادة السياسية في الإسلام - ومن أول المشاريع التي عملها أبو بكر (رضي الله عنه) أنه جمع الناس، كما روى الذهبي في تذكرة الحفاظ مجلد 1 صفحة 2 - 3، وقال بالحرف (إنكم تحدثون عن رسول الله أحاديث تختلفون فيها، والناس بعدكم أشد اختلافا، فلا تحدثوا عن رسول الله شيئا! فمن سألكم فقولوا:
بيننا وبينكم كتاب الله، فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه) انتهى النص حرفيا، كما أورده الذهبي!
فأبو بكر (رضي الله عنه) بوصفه أول خليفة للنبي، أو أول رئيس دولة بعد النبي يأمر أمرا واضحا بمنع تحديث أي شئ عن رسول الله! بمعنى أن الحديث عن رسول الله يؤدي إلى الاختلاف!
وغني عن البيان أن رسول الله، وحديثه هما ركن الوفاق والائتلاف، ولكن طالما أن رئيس الدولة وهو أعلى سلطة قد أمر بمنع الحديث عن رسول الله، فمن واجب الرعية أن تطيعه، فهو الآمر الحاكم.
وأمر أبي بكر (رضي الله عنه) محاولة صادقة لتثبيت قناعة (حسبنا كتاب الله) أي أن كتاب الله يكفي، بدليل قول أبي بكر في النص السابق (فمن سألكم فقولوا: بيننا وبينكم كتاب الله).