دون شجاعته، وكل قوة دون قوته، وكل دفاع دون دفاعه، وكل بلاء دون بلائه، وموقعه من النبي كموقع هارون من موسى إلا أن عليا ليس نبيا.
كل هذه الإمكانيات ما هي إلا من قبيل الإعدادات الإلهية لمرحلة ما بعد النبوة.
وقد وثقت كل ذلك في باب القيادة السياسية من كتابنا نظرية عدالة الصحابة والمرجعية السياسية في الإسلام، فليرجع إليها من أراد الوقوف على الأدلة.
4 - الإجمال والتفصيل بنفس الموقف وبنفس المكان دل رسول الله الأمة على: ما إن تمسكت به لن تضل، كتاب الله وعترته أهل بيته، وبين للحاضرين أن العزيز الحميد أنبأه: بأنهما لن يفترقا ، فالهداية لا تدرك إلا بالاثنين معا، والضلالة لا يمكن تجنبها إلا بالتمسك بالاثنين معا، وبالإجماع فإن علي بن أبي طالب هو عميد أهل البيت، ولا خلاف بين أحد من أهل الملة بأن هذا الحديث الذي يسمى حديث الثقلين، من أصح الآثار، وأثبت السنن المحمدية، وأنه ضارب الجذور بمعناه بنفوس المسلمين، فالصلاة لا تصح دون أن تصلي على النبي وآله، ويتكرر التذكير بذلك خمس أوقات في اليوم فرضا مقضيا.
5 - البساطة والأحكام الأمة مقتنعة بصواب الترتيبات الإلهية، فعندما ينتقل النبي إلى الرفيق الأعلى تشيعه الأمة مجتمعة بما يليق بجنابه المقدس، ثم تلتفت إلى إمام أهل البيت، فتقدم له التعزية، وتبايعه خليفة للنبي، وإماما للمسلمين، وأميرا للمؤمنين، ومبينا للدين، فتستقيم الأمور ولا يختلف اثنان عليه، فهو عميد أهل البيت، وابن عم النبي وزوج ابنته وهو الفارس الأوحد، وهو رباني هذه الأمة.
وهو بما أوتي من علم، قادر أن يتابع مسيرتي الدعوة والدولة من بعد النبي، فيحل ركن مقام ركن، ويحل الهادي محل النبي، ويقود الأمة إلى شاطئ الأمان، ويفتح أمام الجنس البشري أبواب الأمل والعدالة، ويستقر النظام، ويأخذ طابعا مؤسسيا