ولسوء الحظ فإن الذين أسسوا دولة الخلافة التاريخية اقتنعوا أن رسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضا، وأن كلام الرسول وهو في حالة غضب قد يمس أشخاصا معينين، أو يبين حكم الله في أمور معينة وهذا المس، وذلك البيان قد يؤذيان هؤلاء الأشخاص، فينفرون من الإسلام، ويقع الخلاف بعد ائتلاف، لذلك وكراهية من هؤلاء القادة للخلاف، وحرصا على مصلحة الإسلام فرضوا رقابة صارمة على أحاديث الرسول، وروايتها، وكتابتها بعد وفاته، ومن هنا فقد قسموا أقواله إلى قسمين:
1 - قسم من أقواله (صلى الله عليه وآله وسلم) صدر منه وهو في حالة رضا، ولا يمس أشخاصا معينين، ولا يتعارض مع سياسة الدولة، فهو مقبول ونافذ ولا اعتراض عليه.
2 - قسم من أقواله (صلى الله عليه وآله وسلم) صدر منه وهو في حالة غضب، وهذه الأقوال قد تمس الأشخاص، أو تتعارض مع سياسة الدولة، أو تؤدي للخلاف، هذه الأقوال هي موضوع المعارضة.
6 - الأدلة على ذلك الدليل الأول: جاء في سنن الدارمي مجلد 1 صفحة 125 باب من رخص بالكتابة من المقدمة، وسنن أبي داود مجلد 2 صفحة 126 باب كتابة العلم، ومسند أحمد مجلد 2 صفحة 162 و 207 و 216، ومستدرك الحاكم مجلد 1 صفحة 105 - 106، وجامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر الحديث 2 صفحة 85 عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال:
كنت أكتب كل شئ أسمعه من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فنهتني قريش، وقالوا تكتب كل شئ سمعته من رسول الله، ورسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضا؟ فأمسكت عن الكتابة، فذكرت ذلك لرسول الله، فأومأ بإصبعه إلى فيه وقال: اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حق.