4 - ترك جديد وتخلية جديدة لم يكتف أهل السنة بالقول بأن الرسول الأعظم خلى على الناس أمرهم وتركهم دون قيادة سياسية ومرجعية دينية، بل تجاوزوا ذلك فقالوا إنه (صلى الله عليه وآله وسلم) ترك القرآن في صدور الرجال دون جمع، وبما أن القرآن الكريم هو قانون الدولة الإسلامية النافذ الذي لا غنى عنه، ومن غير الجائز أن يترك في صدور الرجال بدون جمع لأنه قد يضيع، لهذا كله شمر الصديق، والفاروق، وذو النورين عن سواعدهم، وقاموا بهذا العمل الجليل، واقتسموا هذا الشرف العظيم بينهم، ولولا خطواتهم المباركة لضاع القرآن، ولما وصلنا، ولفقد قانون الدولة كما فقد رئيسها.
وقد نقل المتقي الهندي في كنزه عن ابن حبان في صحيحه، وعن الدارقطني في سننه، وعن أحمد في مسنده، وعن البخاري ومسلم في صحيحيهما، وعن الترمذي في سننه... أن عمر راجع زيد بن ثابت ليجمع القرآن، وأن أبا بكر راجعه أيضا، فقال زيد لكل منهما كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله؟ فأجابه كل منهما بالقول (والله إنه خير) ولم يزل كل واحد منهما يراجع زيدا حتى شرح الله صدر زيد لما شرح له صدر أبي بكر وعمر، وعندئذ بدأ بتتبع القرآن يجمعه من الرقاع، واللخاف، والأكتاف، وصدور الرجال، حتى وجد آخر سورة براءة مع خزيمة، ولم يجدها مع أحد من المسلمين غيره، وكانت الصحف التي جمع فيها زيد القرآن عند أبي بكر طيلة حياته حتى توفاه الله، ثم عند عمر طيلة حياته حتى توفاه الله، ثم عند حفصة بنت عمر.
راجع كنز العمال - طبعة مؤسسة الرسالة مجلد 2 صفحة 571 - 572 الحديث رقم 4751 وراجع صحيح بخاري مجلد 6 صفحة 48 باب جمع القرآن. ولما تولى عثمان أرسل إليها لتدفعه - القرآن المجموع - فأبت حتى عاهدها عثمان ليردنه إليها، فبعثت حفصة بصحائف القرآن، فنسخها عثمان هذه المصاحف ثم ردها، فلم تزل عندها حتى