فانظروا لأنفسكم ولعامتكم، راجع الإمامة والسياسة لابن قتيبة صفحة 15، فمعنى ذلك أن بيعة الآل الكرام ليست ضرورية، فهي لا تقدم عمليا ولا تؤخر، ولكن عمر (رضي الله عنه) يخشى على الآل الكرام من العامة الذين اجتمعوا على بيعة أبي بكر، ويخشى أن تتسع شقة الخلاف بين الآل الكرام وبين العامة.
35 - جيوب المعارضين الأنصار أدرك الأنصار أن الوضع الجديد قد استقر، وأن السلطة قد قبضت على مقاليد الأمور تماما في العاصمة، وبيد السلطة الأرزاق، وبيدها الفرص، فهي التي تضع وترفع، وتعطي وتمنع، وتؤمر وتعزل، وهي الغالبة، وبالتالي فإن مصلحة كل فرد من الأنصار أن لا يعاند هذه السلطة، وأن يعبر عن ولائه لها حتى تفسح له السلطة مجالا بالمشاركة، فانبهر الأنصار وبايعوا باستثناء سعد بن عبادة، وقد اكتشفت السلطة أن سعدا معارض عنيد، فأصدر نائب الخليفة عمر بن الخطاب أمرا بقتله بنفس السقيفة، ولكن تعذر تنفيذ الأمر في حينه!
وهذا الخبر قد وصل إلى مرحلة التواتر. راجع تاريخ الطبري، حوادث بعد وفاة الرسول، وراجع الإمامة والسياسة مجلد 1 صفحة 4 وما فوق حيث قال عمر: اقتلوه قتله الله، وقام على رأسه سعد فقال له عمر: لقد هممت أن أطأك.... فأخذ قيس بن سعد بلحية عمر وقال له: والله لو خصفت منه شعرة، ما رجعت وفيك واضحة!
وفيما بعد أصر عمر على أن يبايع سعد بن عبادة، فأبى سعد بن عبادة ذلك، فقال عمر لأبي بكر: لا تدعه حتى يبايع، كما يروي ابن قتيبة، فقال بشير بن سعد (إنه قد أبى ولج، وليس يبايع حتى يقتل، وليس بمقتول حتى يقتل ولده معه وأهل بيته وعشيرته، ولن تقتلوهم حتى تقتل الخزرج، ولن يقتل الخزرج حتى تقتل الأوس، فلا تفسدوا على أنفسكم أمرا قد استقام لكم، فاتركوه فليس تركه بضاركم، فإنما هو رجل) فتركوه وقبلوا مشورة سعد. راجع الإمامة والسياسة صفحة 10 ومات سعد ولم يبايع!
وفي رواية البلاذري أن سعد بن عبادة لم يبايع أبا بكر وخرج إلى الشام، فبعث