نكثت طائفة، ومرقت أخرى، وقسط آخرون، كأنهم لم يسمعوا كلام الله حيث يقول (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) بلى والله لقد سمعوها ووعوها، ولكنهم حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها.
أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لولا حضور الحاضر وقيام الحجة، بوجود الناصر، وما أخذ الله على العلماء أن لا (يقاروا) على كظة ظالم ولا سغب مظلوم، لألقيت حبلها على غاربها، ولسقيت آخرها بكأس أولها، ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز.
وقام إليه رجل من أهل السواد عند بلوغه هذا الموضع من خطبته فناوله كتابا، فأقبل ينظر فيه، قال له ابن عباس: لو أطردت خطبتك من حيث أفضيت. فقال:
هيهات يا ابن عباس تلك شقشقة هدرت ثم قرت. راجع المجلد الأول من شرح النهج تحقيق حسن تميم صفحة 134، 142، 158، 167، 171، 172 46 - مقولات لا تصمد في مواجهة منطق القانون رئاسة الدولة أو الإمامة في الإسلام مجذرة ومغروسة ومربوطة ربطا محكما بالمنظومة الحقوقية الإلهية، تنبع منها، وتتغذى عليها وتتكامل معها، فالإمام هو وحده بعد النبي الذي يفهم المنظومة الحقوقية الإلهية فهما قائما على الجزم واليقين، فهو مرجع الأمة الديني، والحقوقي، بالدرجة الأولى ومرجعها وقائدها الدنيوي بالدرجة الثانية. والمنظومة الحقوقية الإلهية هي بمثابة القانون النافذ الذي يطبقه الإمام على أقاليم وشعب دولة الأمة.
ولا تستقيم الأمور بالضرورة إلا إذا تولى القيادة السياسية ذات الإمام الشرعي الذي يشهد له الله والرسول والمنطق والعقل بأنه هو الأعلم والأفهم بأحكام المنظومة الحقوقية الإلهية وأنه الأصلح والأفضل من بين أتباع الملة.
هذان أساسان، منظومة حقوقية إلهية هي بمثابة القانون النافذ، وقيادة سياسية ومرجعية معا وهي وحدها القادرة على فهم هذه المنظومة الفهم الشرعي تماما، وهما معا لا يفترقان بالضرورة.