معارضة هذا القرار بذلك الوقت بالذات قد تزيد القرار ترسيخا، وأن احتجاجه على هذا الترتيب قد يؤدي إلى ترتيب جديد يثبت الأول، وأدرك أن المعارضة والاحتجاج وحدهما لا يكفيان، وأنه لا بد من إعداد العدة والتدبر والتخطيط المحكم، ثم تأتي بعد ذلك المعارضة وتتوج بالنجاح.
ويبدو جليا من استقراء الأحداث أن هذا الرجل العملاق (رضي الله عنه) هو الذي قاد عملية تكفيك الترتيبات الإلهية، وإيجاد الترتيبات الوضعية الجديدة.
32 - المواجهة وطريقة ضرب الشرعية علي بن أبي طالب ولي الله بالنص، وعلم الأمة بعد النبي بالنص، وصاحب الحق الشرعي ليقوم مقام النبي بقيادة الأمة سياسيا ومرجعيتها دينيا، وهو لن يتنازل عن هذه الحقوق بالرضا، لأنها حقوق خصه الله تعالى بها، وأعلنها نبي الله أمام المسلمين، وشاعت هذه الحقوق بينهم، فالكل يعرف مكانة علي بعد النبي، وفضله المتميز على الجميع، وحقه المسلم به من الجميع، بما فيهم معاوية وآل أمية أجمعين.
ولكن بطون قريش وعلى رأسهم عمر بن الخطاب وأبو بكر بدرجة أقل ومن شايعهم من الأنصار، يريدون أن يأخذوا هذا الحق من صاحبه، لأكثر من سبب.
لكن عملية أخذ الحق من صاحبه أو تجريد صاحب الحق من حقه، تحتاج إلى وسيلة شرعية، وتحتاج إلى مبرر شرعي.
ومبرر التجريد غير وارد شرعا لأن الله تعالى هو الذي تفضل بهذا الحق وأعطاه لعلي، ولأن ولاية علي قد أعلنت بأمر من الله تعالى، ولأن ماءة ألف حاج من الأمة شهود على ذلك! لذلك لا بد من البحث عن خطة محكمة!
33 - الطريق الوحيد لتجريد الإمام من الولاية هو القوة والتغلب لا حل أمام الذين يريدون إلغاء الترتيبات الإلهية، وتجريد الإمام علي من حقه بالولاية وابتزاز هذا الحق، لا حل أمامهم غير استعمال القوة والتغلب، وبالقوة يعزل صاحب الحق عن حقه عمليا، ويعزل عن الأمة التي يمكن أن تدعمه ليحتفظ بحقه!