إلى الهاشمين، واعتبرتهم هم سبب هزيمتها وتدمير صيغتها السياسية الجاهلية، وحملتهم مسؤولية قتل رجالها، فبلغ حسد البطون للهاشميين المدى، وبلغ حقد هذه البطون على الهاشميين المنتهى، ولأن عميد الهاشميين بعد النبي هو علي بن أبي طالب، لذلك صبت بطون قريش جام غضبها عليه، إرغاما لأنفه، وانتقاما من تنمره في ذات الله.
25 - البطون تتحد برئاسة عمر (رضي الله عنه) نبوة الهاشميين قدر لم يكن هنالك مجال للفرار منه بالرغم من المقاومة الضارية لبطون قريش طوال 21 عاما فليأخذ الهاشميون النبوة وحدهم لا يشاركهم فيها أحد من البطون، طالما أن النبوة قدر لا مفر منه. فلتكن خالصة للهاشميين ولا مانع لدى البطون من ذلك، لكن بطون قريش لا يمكنها أبدا أن تقبل أحكام أو تصريحات الرسول الأخيرة، خاصة إعلانه يوم غدير خم، والتي يفهم منها بوضوح لا لبس فيه بأن الله تعالى يريد أن يجمع لآل محمد الملك مع النبوة، كما جمعهما لآل إبراهيم. لذلك لا ينبغي أن تحمل تصريحات الرسول على محمل الجد، فالرسول يتكلم في الغضب والرضا وهو بشر! كما وثقنا ذلك أكثر من مرة.
فلو حملت البطون أقوال النبي في هذا المجال على محمل الجد فإن هذا يعني جمع الملك مع النبوة لبني هاشم، وفي ذلك إجحاف بحق البطون وقسمة ليست عادلة، فليس من العدل - برأي البطون - أن يجمع الهاشميون النبوة والملك، وأن تحرم البطون منهما، والأقرب للعدل الإلهي أن يأخذ الهاشميون النبوة وحدهم لا يشاركهم فيها أحد من البطون، وأن تأخذ البطون الملك وحدها تتداوله في ما بينها لا يشاركها فيه أي هاشمي طوال التاريخ!!!
وهذا هو التوفيق والصواب بعينه، وهذه هي وسيلة منع الإجحاف الهاشمي، على حد تعبير عمر (رضي الله عنه). راجع الكامل في التاريخ لابن الأثير مجلد 2 صفحة 24 آخر سيرة عمر من حوادث سنة 23، وراجع شرح النهج لعلامة المعتزلة ابن أبي الحديد