بعد موت النبي، حتى يخيل للإنسان لأول وهلة أن مشكلة النفاق الكبرى قد حسمت نهائيا، وأن الخلفاء قد نجحوا في ما عجز عنه النبي نفسه، وأن المنافقين عن بكرة أبيهم كانوا ينتظرون موت النبي ليؤمنوا!!! فلما مات استقاموا عن بكرة أبيهم!!!
14 - القوتان الرئيسيتان لم تنطلقا معا القوتان السياسيتان المتنافستان: بطون قريش، وأهل البيت النبوي، لم تنطلقا معا ولم تخطبا ود الأنصار معا. كان قادة البطون ومن والاهم يتحركون معا بحرية تامة، يتشاورون ويخططون، ويتنقلون، ويقودون الواقع ويطورونه لصالح خطتهم في كل لحظة، في الوقت الذي كان آل محمد غارقين في مصابهم الجلل، متحلقين حول الجثمان الطاهر، مشغولين بتجهيزه لمواراته في ضراحه الأقدس، لم يغادروا بيت النبي، وليس بإمكانهم أن يغادروه، فهل من الممكن عقلا أن يتركوا النبي جنازة ودون تجهيز، ويخرجوا لينازعوا الناس سلطانه!!!
هذا من جهة، ومن جهة ثانية، ولو من باب جبر الخواطر لأهل الفقيد، فمن غير الممكن عقلا ودينا أن تقطع البطون هذا الأمر في ما بينها في غياب آل محمد، فعلى الأقل لهم حق المشورة، حتى ولو كانوا من الموالي، هذا على افتراض تجاهل النصوص الشرعية التي رتبت أدق التفاصيل لعصر ما بعد النبوة، وبينت أن الهدى لا يدرك إلا بالتمسك بالثقلين، كتاب الله وعترة النبي أهل بيته، وأن الضلالة لا يمكن تجنبها إلا بالتمسك بالثقلين كتاب الله وعترة النبي أهل بيته، فكيف يمكن للبطون أن تهتدي أو تتجنب الضلالة بغياب عترة النبي وأهل بيته؟!
ومن جهة ثالثة، إن المنظومة الحقوقية الإلهية قد بينت علنا وأمام جمع يزيد على مائة ألف مسلم من هو الولي من بعد النبي، وبينت هارون موسى وهارون محمد، بل وبينت بالنص المحكم أن عليا وحسنا وحسينا كنفس النبي تماما.
ومن جهة رابعة، فإن البطون التي صدمت قيادتها خاطر النبي الشريف، وهو على فراش المرض قبل الموت فقالت بمواجهته: هجر رسول الله أو يهجر - حاشا له -