وسار الفاروق (رضي الله عنه) على هذه السياسة، فقد روى ابن سعد في طبقاته أن الأحاديث كثرت على عهد عمر بن الخطاب، فأنشد الناس أن يأتوه بها، فلما أتوه بها أمر بتمزيقها. راجع مجلد 5 صفحة 140 من طبقات ابن سعد بترجمة القاسم بن محمد بين أبي بكر، وروى الذهبي في تذكرة الحفاظ مجلد 1 صفحة 7 ترجمة عمر أن عمر (رضي الله عنه) حبس ثلاثة لأنهم أكثروا الحديث عن رسول الله.
ويجدر بالذكر أن قريشا كانت تنهى عن كتابة أحاديث رسول الله حتى وهو حي، كما روى عبد الله بن عمرو بن العاص، وجاء عثمان (رضي الله عنه) فسلك نفس النهج حيث صعد على المنبر وقال: لا يحل لأحد يروي حديثا لم يسمع به في عهد أبي بكر، ولا في عهد عمر، راجع منتخب الكنز بهامش مسند الإمام أحمد مجلد 4 صفحة 64 ولا يخفى على أستاذي الفاضل بأن أول من دون الحديث رسميا، هو ابن شهاب الزهري بأمر الخليفة عمر بن عبد العزيز.
التأويل هو الغطاء الذي أضفى على الاجتهاد ثم اختفى التأويل، وورثه الاجتهاد وحتى لا يطول بنا المقام أتمنى على أستاذي الكريم أن يقرأ في لسان العرب مادة أول، ومادة أول في الصحاح، ومادة أول في نهاية اللغة لابن الأثير، وأن يراجع صحيح البخاري كتاب الآداب - باب من أكفر أخاه من غير تأويل، على هامش فتح الباري مجلد 13 صفحة 129 - 130 وأن يطلع على شرح باب ما جاء في المتأولين من فتح الباري، عندهما سيتقن أستاذي الكريم أن التأويل سابق بوجوده للاجتهاد، وسيلاحظ القاعدة التي وضعوها، قال العلماء: كل متأول معذور بتأويله وليس بآثم، إذا كان تأويله سائغا في لسان العرب، وكان له وجه في العلم.
النتائج المذهلة للاجتهاد القاتل في الجنة، والمقتول في الجنة كلاهما على حق! قال ابن حزم في الفصل مجلد 4 صفحة 161 عمار بن ياسر قتله أبو الفادية، فأبو الفادية الذي قتل عمارا متأول مجتهد مأجور أجرا واحدا!