فها بشير بن سعد أول من بايع أبا بكر يقول للإمام علي: لو كان هذا الكلام سمعته منك الأنصار قبل بيعتها لأبي بكر ما اختلف عليك اثنان. راجع الإمامة والسياسة لابن قتيبة صفحة 5 وما فوق، وراجع مجلد 6 صفحة 285 من شرح النهج نقلا عن الجوهري.
وقد غلبت الأمة على أمرها ولهثت وراء وبحثت عن نصيبها من المشاركة في السلطة والمال والدنيا، فوجدت كل ذلك في قبضة السلطة الغالبة، فارتبطت مصالحها بمصالح الغالب كائنا من كان، فقامت بينها وبين الغالب صلة، تعذر على الأمة عمليا قطعها، فإن قطعت صلتها بالغالب فقد تنازلت عن حقها ووجودها وسلمته بدون قيد ولا شرط لهذا الغالب، وإن ناصبت الغالب العداء فهي متفرقة، والغالب وبطانته متحدون فالمواجهة غير متكافئة، ولا تحصد الأمة منها غير الندامة! فتحرك موكبها في ظروف غير ملائمة طوال التاريخ!!
11 - عودة إلى الآثار السياسية قلنا إن النظام السياسي الإسلامي قد أجهض والنبي على فراش الموت، وحل محله نظام سياسي بديل أسسه وبناه أولئك الذين أجهضوا النظام السياسي الإسلامي، وانتصر النظام البديل.
الذين أجهضوا النظام السياسي الإسلامي لم يقصدوا شرا إنما قصدوا الخير، فخافوا الفتنة، واستصغروا الإمام عليا، وأشفقوا من إثخان الإمام في العرب، واستكثروا أن يجمع الهاشميون النبوة والخلافة، وقدروا أن هذا الجمع إجحاف بحق بطون قريش، وقدروا أن النبي بشر يتكلم في الغضب والرضا، وتصوروا أن الترتيبات الإلهية المتعلقة بمستقبل الدولة هي من اجتهاد النبي كبشر.
ثم إن رئاسة الدولة أمر يهم المسلمين وحدهم.
لكل هذه الأسباب استبعدوا الإمام المعين شرعا، وأقاموا بدلا منه خليفة للنبي، يقوم مقامه برئاسة الدين والدنيا.