37 - إذا كانت المنظومة الحقوقية الإلهية بهذا الكمال والشمول فما هي حاجة الخلفاء لوضع منظومة حقوقية من آرائهم؟
مؤهل الخليفة طوال التاريخ، وشهادته العلمية هو أنه الغالب الذي قهر الأمة وعلا فوقها بالقوة، وابتز الحق من أولي الأمر. فإذا انصاع الخليفة الغالب لأحكام المنظومة الإلهية فإن أول عمل يتوجب عليه هو أن يرد الحق الذي ابتزه، وأن يرمي السوط الذي أخضع به الأمة، والغالب لم يقبل بذلك ولن يسمح لأحد أن يجرده من أسباب قوته.
الأمة رعايا وهو حاكمها بالقوة، وهو غير قادر على تطبيق الشرع، لأنه غير معد وغير مؤهل لتطبيقه، فمؤهله وشهادته العلمية هي القوة، والمشاكل تحدث لا بد لها من حكم، والخليفة وأهل طاعته لا يعرفون الحكم، وهم غير راغبين بسؤال أولي الأمر الشرعيين!
عندئذ يضطر الخليفة المتغلب وأهل طاعته أن يعملوا برأيهم، فسموا العمل بالرأي اجتهادا!!
أنا لا أدري ما قيمة الاجتهاد مع وجود النص؟ إن أي منظومة حقوقية وأي مشرع لا يسمح بتجاهل النص والاجتهاد مع وجوده.
إن مثل الخليفة المتغلب كمثل أحد الحضور في قاعة محكمة انقض على القاضي وكتفه وجلس مكانه، وزعم بأنه القاضي، وكان لهذا المتغلب مثله يتقاسمون معه المنافع!!
لقد سخرت الدولة برئاسة الخليفة المتغلب كل مواردها وكل وسائل إعلامها، لإثبات أن العمل برأي الخليفة وأهل طاعته هو اجتهاد، والاجتهاد مشروع عند الله، والرسول نفسه مجتهد، ولا حرج إن خالف المجتهد - الخليفة المتغلب - مجتهدا آخر وهو الرسول!!! راجع شرح التجريد للقوشجي كما وثقنا. وقد قاد الخلفاء التاريخ السياسي الإسلامي على هذا الأساس، وتفيض الإعلام اقتنع الناس واختلط الأمر عليهم!