وهنا تثور أكبر المشكلات وهي: كيف يمكن تذكر أقوال صدرت من صاحب الرسالة قبل 95 عاما!!؟ كيف يمكن نقل هذه الأقوال باللفظ والمعنى معا؟!! يتعذر عمليا ذلك!! بل ويستحيل، لكن حملة التذكر والتدوين تدعمها السلطة نفسها، ومن المستحيل أن تتوقف، لأن قرار السلطة بالتدوين قد صدر، وتغلب الناس على سنة المنع التي دامت 95 عاما.
10 - كيف سد قادة التاريخ السياسي الفراغ الحقوقي من المسلمات أن المنظومة الحقوقية الإلهية تتكون من مقطعين: كتاب الله المنزل.
ونبي الله المرسل بذاته وقوله وفعله وتقريره.
وهنا يثور سؤال كبيرة: كيف أمكن تطبيق الشرع الإسلامي بشقيه هذين في غياب أحاديث النبي؟ ألم يشعر الخلفاء بالفراغ القانوني؟ كيف أمكنهم وضع قواعد حقوقية بدلا من القواعد القولية النبوية؟ خاصة مع حالة الإبعاد التي فرضوها على آل محمد، فغاب الآل الكرام عن مسرح الحياة السياسية عمليا.
ولكن التعجب يزول، وحدة التساؤلات تخف إذا أدركنا أن الخليفة هو القائم مقام النبي من الناحية الفعلية، فما يقوله الخليفة نافذ سياسيا وحقوقيا! إن ولاية العهد شرعت ووضعت موضوع التنفيذ رسميا وأصبحت شرعية بفعل أبي بكر وعمر، فالسلطة طوال التاريخ أنكرت أن رسول الله قد عهد لأحد، ولكن الذي جعل ولاية العهد مشروعة هو فعل أبي بكر عندما عهد لعمر، وفعل عمر عندما عهد عمليا لعثمان، ثم أصبح العهد عملا شرعيا بسبب فعل هذين الخليفتين!
قال ابن خلدون في مقدمته صفحة 177: إن الإمام الخليفة ينظر للناس في حال حياته، وتبع ذلك أن ينظر لهم بعد وفاته، ويقيم لهم من يتولى أمرهم... إلخ. لكن ابن خلدون لا يبين لنا لماذا لم ينظر رسول الله للناس بعد وفاته، ولم يقم لهم من يتولى أمرهم؟!!!