المنافقون لوفاة النبي، وتصوروا أن الإسلام سيتهدم وأن القوى السياسية الإسلامية ستتصارع فاندسوا بين الصفوف، يؤيدون كل خارج على الشرعية، ويوسعون كل شق، ويباركون كل خلاف ويغذونه، ولكنهم أقل وأذل من يقودوا حركة المجتمع.
ولكن انقطاع الوحي وغياب الرسول أعطاهم الحرية، خاصة وأن هدف القوى السياسية صار جذب الأعوان وتكثير الأنصار، فدخلوا في حزب الغالب، وكان له دور مهم في توجيه الأحداث!
13 - الصدفة الغريبة بطون قريش بالإجماع كرهت أن تجمع لبني هاشم النبوة والملك ورأت في ذلك إجحافا بحق البطون، لذلك عملت لأن يختص الهاشميون بالنبوة لا يشاركهم فيها أحد، وأن تختص البطون بالملك لا يشاركها فيها هاشمي، واعتقد رجالات البطون البارزين أن من مصلحة الإسلام أن تتحد بطون قريش حوله، وأن الحكمة ومصلحة الإسلام تقتضي إرضاء البطون وإغضاب بني هاشم، فذلك أفضل وأخف ضررا من إرضاء أهل البيت إغضاب البطون!
وبالصدفة أيضا فإن المنافقين كرهوا محمدا وعادوه طوال حكمه وكفروا برسالته وأنكرت قلوبهم نبوته، وهم بالضرورة يكرهون حكم آل محمد، ويكرهون من يحب محمدا، ويحقدون على النبي وآله. ولكن المنافقين لا يطمعون بالحكم بل يطمعون بالمشاركة، ومشاركتهم لآل محمد غير واردة، ولكن مشاركتهم للبطون ممكنة، وبالتالي فإن استطاع أن يتحالفوا حتى مع الشيطان في سبيل إبعاد آل محمد عن الحكم فلن يتوانوا. لذلك فإنهم أيدوا البطون بعد أن رصدوا حركة المجتمع وطبيعة القوى السياسية المتنافسة.
ورضيت البطون بما فعل المنافقون، وهذا هو السر باختفاء كلمة النفاق والمنافقين