الفصل الثاني فتح أبواب التمزق والاختلاف 1 - الائتلاف لقد نجح النبي الأعظم نجاحا ساحقا بتحويل الدعوة إلى دولة، وحدث في ظلال حكمه الأرشد للعرب لأول مرة في التاريخ، وبكلفة بشرية لم تتجاوز 389 قتيلا من أعوانه ومن أعدائه معا، وأرسى قواعد الائتلاف والشرعية، فكانت ولايته المباركة هي الرمز الأول لوحدة العرب المسلمين، وكانت معجزته القرآن، وبيانه اليقيني لهذا القرآن هو القانون النافذ لدولة الإيمان، وكان تمسك المخلصين بالقيادة المباركة، وبالقانون اليقيني هو الضمانة المؤكدة لسيادة الشرعية، ودوام هذا الائتلاف.
وكان بديهيا أن أي خلل أو تقاعس بتفهم هذه الأركان وفاعليتها سيؤدي حتما إلى نتائج مدمرة، قد يفرط عقد المعادلة كلها، وقد تقوض الشرعية من أركانها، خاصة وأن هذه الائتلاف قد قام بفترة زمنية محدودة لا تتجاوز العشر سنوات، وهي مدة رئاسته (صلى الله عليه وآله وسلم) لدولة الإسلام، ومن جهة ثانية فإن الذين انضووا تحت راية هذه الدولة تفاوتوا تفاوتا كبيرا بفهمهم للشرعية، وقناعاتهم بأركانها، وتنوعت أسباب دخولهم في هذه الائتلاف، فبعضهم - كأبي سفيان وولده معاوية وشيعتهما من بني أمية ومن والاهم - حاربوا هذه الشرعية بكل وسائل الحرب وطوال مدة 21 عاما، ثم أحيط بهم وهزموا هزيمة ساحقة، ولم يبق أمامهم إلا أحد طريقين:
1 - إما أن يستمروا بمقاومة الشرعية الإسلامية وحربها، وهذا انتحار بكل الموازين العقلية.