كان الخليفة طوال التاريخ يعين من سيخلفه، وتستمر دورة العهد والتعيين حتى يأتي الفارس الغالب ويجلس على كرسي الخلافة، فما أن يستتب أمره حتى يعلن للناس أن فلانا هو ولي عهده والقائم بالأمر من بعده، وهكذا... حتى يأتي فارس غالب جديد!
بمعنى أن سنة الترك والتخلية هذه لم يتبعها أحد على الإطلاق، وأن الأمة قد أجمعت طوعا وكرها على تجاهل سنة الترك هذه أو التخلية - كما يسمونها - إن كانت هذه الإشاعة صحيحة، وإن كان الترك أو التخلية سنة.
19 - الحاكم الوحيد الذي ترك أمته ولا راعي لها من بعده باستعراض ادعاءات القوم التي تجمع على أن رسول الله ترك أمته دون أن يعين لها راعيا من بعده، وترك دينه دون أن يحدد من هو المخول بالبيان من بعده، وباستعراض وقائع التاريخ السياسي الإسلامي لعهد ما بعد النبوة، بدءا من خلافه أبي بكر وحتى سقوط آخر سلاطين بني عثمان، لم نجد على الإطلاق أن خليفة من الخلفاء أو حاكما من حكام الأمة قد مات دون أن يعين خليفته من بعده، بمعنى أن كل خليفة كان يعين قبل موته الحاكم الذي سيحكم الأمة بعده، والوحيد الذي لم يعين - حسب ادعاءات القوم - هو رسول الله!!
20 - إثبات هذه الواقعة 1 - أول خليفة لرسول الله كان أبو بكر، قبل أن تدنو منيته دعا عثمان فقال له:
أكتب بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة إلى المسلمين، أما بعد: ثم أغمي عليه، فكتب عثمان: إني أستخلف عليكم عمر بن الخطاب، ولم آلكم خيرا، ثم أفاق أبو بكر، فقال: إقرأ علي، فقرأ عليه، فكبر أبو بكر وقال: أراك خفت أن يختلف الناس. راجع تاريخ الطبري ط أوربا مجلد 1