12 - إخراج النبي من دائرة التأثير على الأحداث بنجاح الذين حالوا بين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبين كتابة الكتاب الذي أراد، خرج النبي عمليا من دائرة التأثير على الأحداث تماما، فلو أصر النبي على كتابة الكتاب الذي أراد لأصر الذين حالوا بينه وبين كتابة ما أراد على أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) - حاشا له - هجر أو يهجر، وفي ذلك تهمة تهز العقيدة نفسها من الأعماق، لأن النبي تلقى القرآن من ربه وتلقى المسلمون القرآن منه، لهذا السبب عدل الرسول عن كتابة الكتاب الذي أراد، واكتفى بالنصوص الشرعية التي أعلنها للأمة منفردة ومجتمعة.
كانت لحظات حاسمة، حرمت الأمة من تلخيصه للموقف، وصدموا خاطره الشريف، وواجهوه بكلمة هجر، يهجر - حاشا له - وبمعصيته انهار أكبر ركن من أركان الشرعية، وعلى أثر هذا الانهيار تهاوت واقعيا الترتيبات الإلهية، وفقد تأثيره على الأحداث المتلاحقة، ودنت منيته، وفارقت الروح الطاهرة الجسد المبارك، وغرق أهل البيت في أساهم، وانشغلوا في مصابهم، وانطفأت النجوم، وأظلمت الدنيا!
بهذا المناخ تحرك عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) وقاد زمام المبادرة، وقام بدور المؤسس لعهد ما بعد النبوة بعد أن خرج ظافرا ومنتصرا في مواجهته مع النبي نفسه، حيث تمكن ومن والاه من أن يحولوا بين النبي وبين كتابة ما أراد!!!
وقد فصلت هذه المأساة في كتابي نظرية عدالة الصحابة والمرجعية السياسية في الإسلام صفحة 281 13 - لم العجلة يا ابن الخطاب ها هو النبي يموت حقا، ها هي الملائكة في صعود وهبوط، لتودع الرجل الذي خلع على الحياة إهابا جديدا، وكشف عن معانيها الإلهية، ولتلقي نظرة الوداع الأخيرة على الجثمان المقدس، خبر الوفاة ينتشر سريعا في طول البلاد وعرضها، النبأ يصعق