6 - الخليفة الثاني يتبع نفس السياسية ويعمقها والصديق يعاني سكرات الموت، وقد اشتد به الوجع، حتى أنه قال: إني قد وليت.... وذهب في غيبوبة من شدة الوجع، فكتب عثمان بقية الوصية (عليكم عمر) ولما أفاق (رضي الله عنه)، وسمع بما كتبه عثمان استحسنه، وقال لعثمان: لو كتبت نفسك لكنت أهلا لها. بهذا الجو الحزين استخلف أبو بكر عمر ليقود سفينة الإسلام من بعده.
وعمر (رضي الله عنه) رأس الذين حالوا بين الرسول وبين كتابة ما أراد كتابته، بحجة أن الرسول قد اشتد به الوجع، فلا يجوز أن يسمح له بكتابة وصيته، وحرصا على مصلحة المسلمين رفع شعار (حسبنا كتاب الله) وبمواجهة النبي نفسه، فمن الطبيعي جدا بعد أن آلت إليه الأمور أن يسعى وبكل قوته المعهودة لتثبيت وتجذير هذا الشعار، وتحويله إلى قناعة تؤمن بها العامة والخاصة، وجبرا عند اللزوم.
يبدو أن الأمر الذي أصدره أبو بكر (رضي الله عنه) لم يتم احترامه تماما، إذ بقي الناس يتداولون أحاديث الرسول، ويكتبون بعضها، فلما آلت الخلافة أو رئاسة الدولة إلى عمر (رضي الله عنه) ناشد الناس أن يأتوه بكل ما كتبوا من أحاديث رسول الله، فلما أتاه الناس بهذه الأحاديث.... أمر بتحريقها.
قال ابن سعد في طبقاته مجلد 5 صفحة 140 بترجمة القاسم بن محمد بن أبي بكر:
إن الأحاديث كثرت على عهد عمر بن الخطاب، فأنشد الناس أن يأتوه بها، فلما أتوه بها أمر بتحريقها.
وأخرج ابن عبد البر ثلاثة أسانيد في جامع بيان العلم - باب ذكر من ذم الإكثار من الحديث دون التفهم له مجلد 2 صفحة 147 والذهبي في تذكرة الحفاظ مجلد 1 صفحة 4 - 5 ما يلي:
وروي عن قرظة بن كعب أنه قال: لما سيرنا عمر إلى العراق مشى معنا إلى صرار، ثم قال: أتدرون لم شيعتكم؟ قلنا: أردت أن تشيعنا وتكرمنا، قال: إن مع ذلك