هذا هو منطق القانون. أما المقولات التي روجها الحكام بأن المنظومة الإلهية لم تحدد ولم تبين للناس من يتولى القيادة من بعد النبي، وأن النبي قد ترك أمته ولا راعي لها من بعده، فهي مقولات لم تعد قادرة على الثبات أمام المنطق وأمام العقل وأمام الدين نفسه. إذ من الثابت أن الله أكمل الدين وأتم النعمة وبين كل شئ على الإطلاق وأعلن كمال الدين وتمام النعمة وتم بيان كل شئ بما فيه كيفية (التبول)، فهل يعقل أن يغفل الشارع الحكيم عن بيان أهم شئ وهو رئاسة الدولة أو الإمامة؟ وهل يعقل أن لا يبين للأمة كيف تنتقل هذه الإمامة من إمام إلى إمام؟ فهل يمكن أن يبين الهين ويترك الصعب؟ أو أن يوضح المهم ويترك الأهم.
47 - حتى معاوية، وحتى النساء لا تتعقل ذلك!
فقد بينا أن أم المؤمنين عائشة قالت لعمر استخلف عليك ولا تدعهم بعدك هملا، وأن ابن عمر قال لأبيه لو جاءك راعي غنمك أو إبلك وقد ترك ولا راعي لها للمته، ووثقنا ذلك، وهذا هو معاوية يقول (كرهت أن أدع أمة محمد لا راعي لها) الإمامة والسياسة صفحة 184 فهل يعقل أن يكون ابن عمر، ومعاوية، وأم المؤمنين أدرى بعواقب الأمور من الله ورسوله؟!! ما لكم كيف تحكمون؟ ثم إنني أتساءل: دلوني على هذا الحاكم الذي مات ولم يستخلف إما تصريحا أو تلميحا؟
بل إنني أتحدى عبدة التقليد أن يدلوني على منظومة حقوقية إلهية أو وضعية لم تبين من يخلف الحاكم القائم أو كيفية انتقال رئاسة الدولة من شخص إلى آخر؟
فهل المنظومات الوضعية أكثر كمالا من المنظومة الإلهية؟!
ثم إذا كانت هذه المقولات صحيحة، فلماذا لا تتركوا أمة محمد كما تركها رسول الله بزعمكم؟
فإذا كان الرسول ترك فلماذا لا تتركون، وإذا كان الرسول استخلف فلماذا رفضتم استخلافه؟!!