بطلها، وهو نبيها، وهو حاكمها، وهو الرجل المدعوم بالعناية الإلهية، ورجالات البطون يستمدون فخرهم وشرفهم من موالاته، فتركوا فكرة المواجهة لأنها فاشلة في هذه المرحلة، وأن طريق المجد والملك الحقيقي هي في موالاة محمد وليس في معاداته.
وإذا كانت معاداة محمد قدرا، فلتكن معاداة منظمة لا تثير حفيظة الجموع الموالية لمحمد، والتي تراه بطلها الأوحد.
14 - الخطة المثلى لمواجهة عصر ما بعد النبوة تفتقت عقلية بطون قريش عن خطة قبلية سياسية مثلي، تجمع بين الصيغة السياسية الجاهلية وبين نظام الإسلام السياسي، وتقوم على خلط الأوراق، وإعادة ترتيبها من جديد تحت إشراف رجالات البطون المسكونة أنفسهم بمرض الصيغة السياسية الجاهلية، لذلك وضعوا مجموعة من الأوراق لمواجهة الترتيبات الإلهية لعصر ما بعد النبوة والالتفاف عليها.
15 - الورقة الأولى الخلاف العائلي توصلت رجالات قريش إلى معادلة واقعية مفادها: أن كل البطون القريشية بما فيها البطن الهاشمي ينتمون لقريش، وبما أن محمدا من بني هاشم، وبما أن بني هاشم من قريش فمعنى ذلك أن محمدا من قريش، وأن قبيلة قريش هي عشيرته الوحيدة، والخلاف بين بطون قريش هو خلاف عائلي تماما.
فالهاشميون أولا وأخيرا هم بطن قريشي، وطالما أن محمدا من قريش، وطالما أن قريشا هم أهله وعشيرته، فهم أولى بميراثه وبسلطانه (الله أكبر من ينازعنا سلطان محمد ونحن أهله وعشيرته، إن العرب تأبى أن تولي الخلافة إلا من كانت النبوة فيهم) هذه هي عين الجملة التي استعملها عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) في سقيفة بني ساعدة. ومن هنا نشأت قاعدة أن الأئمة من قريش، لأن قريش عشيرة النبي، وتوطدت هذه القاعدة حتى نقلتها الأمة بالإجماع.