أسباب المداخلة وأخيرا قرأت مقالة أستاذي الفاضل في عدد اللواء الغراء الصادر بتاريخ 28 / 10 / 93 والتي تناولت ما أسماه بفرض الاجتهاد، ومع عميق تقديري لمنهجية الأستاذ بالبحث، وترتيب الأفكار، مع كرم الجمل إلا أن لي ملاحظات جوهرية غالبتني فغلبتني، ولو اهتديت لعنوانه لهاتفته، ووضعت تلك الملاحظات بين يديه لعله يستفيد منها إذا ما لاح له على بصيص نورها أن يعدل من رؤيته حول هذا الموضوع.
وقد جمعت - بتشديد الميم - هذه الملاحظات على عجل من مؤلفات علماء مدرسة أهل البيت الكرام، ومن علماء مدرسة الخلفاء. وها أنا أضعها بين يديك وتحت تصرف القراء الكرام لغايات محددة وهي الوقوف على المقصود الشرعي.
معنى الاجتهاد لغة قال ابن الأثير تحت مادة جهد: الإجتهاد بذل الجهد في طلب لأمر، وهو افتعال من الجهد لطاقة، وقال أبو حامد الغزالي: الإجتهاد هو عبارة عن بذل جهد، واستفراغ الوسع في فعل من الأفعال، ولا يستعمل إلا في ما له كلفة وجهد. راجع المستصفى من أصول الفقه مجلد 2 صفحة 101، والأحكام للآمدي مجلد 4 صفحة 141.
معنى الاجتهاد في الشرع الحنيف معنى الاجتهاد شرعا هو عين المعنى اللغوي فقد ورد عن رسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله... (أما السجود فاجتهدوا بالدعاء الجامع) صحيح مسلم كتاب الصلاة مجلد 207، ومسند أحمد مجلد 1 صفحة 219 وقوله (صلوا علي واجتهدوا بالدعاء). راجع سنن النسائي مجلد 1 صفحة 190 باب الأمر بالصلاة على النبي، ومسند أحمد صفحة 199 وقوله (فضل العالم على المجتهد ماءة درجة). راجع سنن الدارمي مجلد 1 صفحة 100... إلخ.
خلاصة معنى الاجتهاد في اللغة والشريعة يلاحظ أستاذي الكريم أنه طوال عهد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بل وحتى بعد وفاته، وامتدادا حتى آخر القرن الأول الهجري كان الاجتهاد يعني بذل الجهد عموما واستفراغه، ولا