5 - رئاسة الدولة في الإسلام قدر مشترك بمعنى أن الله وحده هو الذي يعلم علما يقينيا من هو الأعلم والأفهم بالمنظومة الحقوقية الإلهية المراد تبليغها للناس وتطبيقها عليهم، وهو وحده الذي يعلم علما يقينيا من هو الأصلح والأفضل بين هؤلاء الناس، ليكون قائدا لهم، وطالما أن الله وحده هو الذي يعلم ذلك علم اليقين، وحيث أن غاية الأعلم والأفهم والأفضل والأصلح هو غاية المحكومين ومقصدهم، فيعني ذلك أن مقصد المخلوق والخالق قد اتحدا . عندئذ يعلن الله تعالى هذا الشخص الذي توفرت فيه تلك الشرائط، ويكلفه بتنفيذ الخطة الإلهية، ووضع المنظومة الحقوقية موضع التطبيق. فالله سبحانه وتعالى هو الذي دلنا على هذا الشخص، وقدمه لنا، وشهد بأن الصفات المطلوبة متوفرة به، وأنه هو وحده المؤهل بهذه الفترة الزمنية أو تلك لتنفيذ الخطة الإلهية، أو وضع المنظومة الحقوقية الإلهية موضع التطبيق.
الله سبحانه وتعالى دل الأمة وأرشدها إلى الأعلم والأفهم بالمنظومة الحقوقية الإلهية، وإلى الأفضل والأصلح، وتلك هي غاية الأمة، عندئذ تقبل الأمة بالتكييف الإلهي، وتصدقه، وتباشر بمبايعة هذا الشخص، والتعاقد معه، على أن يعمل الفريقان - الإمام والأمة - لتنفيذ الخطة الإلهية، وتطبيق المنظومة الحقوقية الإلهية تحت إشراف، وقيادة، وتوجيه الإمام المعين إلهيا، والمصادق على تعيينه شعبيا.
والإمام إمام لأن الله تعالى كلفه بالإمامة، وخوله تنفيذ الخطة الإلهية، وتطبيق المنظومة الحقوقية، لكن الخطة لا تنفذ وفق قواعد الابتلاء الإلهي إلا ببشر، ولا تطبق المنظومة الإلهية إلا ببشر وعلى بشر، فعندما تمت البيعة تحققت إمكانية التطبيق والتنفيذ، فالإمام وحده بدون فئة بشرية مؤمنة يتعذر عليه تنفيذ الخطة وتطبيق المنظومة، الإمام يد والأمة يد آخر. الأمة المؤمنة جند الله، والإمام هو القائد العام لجند الله في هذه المنطقة أو تلك، لنفترض أن الإمام لم يجد أمة تبايعه، وتتعاون معه،