فإن معارضتهم لا قيمة لها، ولا جدوى عملية منها، ولا تشكل خطرا على سلطة فتية قائمة، ارتبطت بوجودها شبكة من المصالح.
وفي حالة استمرار معارضة الآل الكرام، فيغدو من واجب السلطة الحاكمة أن تقومهم باللين، وأن تردهم إلى طريق الجماعة، فإن استعصى تقويم الآل الكرام، فلا حرج على ولي الأمر الحاكم الفعلي الغالب من أن يسحق الآل الكرام، وأن يحرق عليهم بيوتهم عند الاقتضاء، وتلك رسالة ضمنية لمن تسول له نفسه معارضة الغالب.
هكذا قدرت قيادة البطون الموقف، ورسمت أهدافها على هذا الأساس، وأخذت تتحين الفرص لترجمة هذه الأهداف.
18 - الفرصة الوحيدة هي تنصيب خليفة النبي قبل أن يفرغ الآل الكرام من تجهيز جثمان النبي ومواراته في ضراحه الأقدس، وهكذا يتم التنصيب في غياب الآل الكرام، وتتجنب البطون مواجهة معهم غير مضمونة النتائج، لأن منطق الآل الكرام ليس كمنطق البطون، وحجة الآل الكرام ليست كحجة البطون، وهيبتهم ونفوذهم وتاريخهم ليس كهيبة البطون ونفوذها وتاريخها، وموقع الآل الكرام في المنظومة الحقوقية الإلهية ودعم النصوص لهم، ليس كموقع بطون قريش ودعم النصوص لها.
وباختصار شديد إما أن تغتنم البطون هذه الفرصة الوحيدة بالذات فتقيم ملكها، وترغم أنف خصمها، وإما أن تضيع هذه الفرصة وكل الفرص اللاحقة وإلى الأبد!
فإذا بايعت الجموع علي بن أبي طالب وهو فتى، فسيحكم طويلا، وسوف يأسرها بعلمه وعدله ورجولته ومكانته الشرعية، وبعد عمر طويل فسيموت علي ويأتي الحسن بن علي على قدر، وتكون الأوضاع مستقرة والحسن إمام بالنص، فهل يقوى ابن عمر أو ابن أبي بكر على منافسة ابن محمد وسيد شباب أهل الجنة؟!!!
وهكذا يذهب المجد من البطون، ويختص الآل الكرام بالنبوة والملك معا!!