يمكن الدفاع عنه وفق كل المعايير الشرعية والعقلية.
6 - ترك الترتيبات الإلهية وإيجاد ترتيبات وضعية لم ترق الترتيبات الإلهية لبطون قريش، وكيفتها على أنها ترتيبات مجحفة، لم تأخذ بعين الاعتبار حقوق بطون قريش، وتؤدي بالنتيجة إلى الإجحاف. والسبب بهذا التكييف أن تلك البطون مسكونة بالصيغة السياسية الجاهلية التي سادت مكة المكرمة قبل شروق شمس الإسلام، تلك الصيغة القائمة أصلا على اقتسام مناصب الشرف السياسية، بحيث يختص كل بطن بمنصب من هذه المناصب، وبالكيفية التي تم الاتفاق عليها في حينه، وهي كيفية لا غالب فيها ولا مغلوب. ومع الأيام استقرت هذه الكيفية في الأذهان والقلوب، وأصبحت جزءا لا يتجزأ من المعتقدات السياسية الجاهلية، بل إنها تحولت إلى قناعة مطلقة مستقرة تماما في العقل الباطني لبطون قريش، ومن هنا فلا ينبغي أن تعجب إذا قلنا أن هذه القناعة هي التي تفسر عناد بطون قريش بمقاومتها للدعوة المحمدية طوال 13 سنة، وهي وحدها التي تقف وراء حروب بطون قريش العدوانية ضد الإسلام ونبي الإسلام، ولم تستسلم تلك البطون إلا بعد 21 عاما من المقاومة الضارية لدعوة الإسلام ولدولة الإسلام، وبعد أن استفرغت جهدها بالكيد، وأحيط بها، وحوصرت في جزيرة من الشرك، وأغلقت بوجهها كل الأبواب، ولم يبق أمام هذه البطون إلا بابان: باب الدخول بالإسلام، أو باب الموت، فاختارت الدخول في الإسلام.
7 - تعليل موقف رواد الترتيبات الوضعية منذ اللحظة الأولى التي بزغت فيها شمس الهداية الإلهية، وقفت بطون قريش وقفة رجل واحد ضد نبوة ورسالة محمد بن عبد الله، لا حبا بالأصنام، فليس في الأصنام ما يحب، ولا كراهية بتعاليم الإسلام، لأنه ليس في هذه التعاليم ما تنفر منه الفطرة البشرية، أو يعافه العقل السليم، ولكنها كرهت كرها شديدا أن تكون النبوة في بني