قال ابن عباس: لن أعمل حتى تخبرني بالذي في نفسك. قال عمر: ما تريد إلى ذلك؟ قال ابن عباس: أريده، فإن كان شئ أخاف منه على نفسي خشيت منه عليها الذي خشيت، وإن كنت بريئا من مثله علمت أني لست من أهله، فقبلت عملك هنالك، فإني قلما رأيتك طلبت شيئا إلا عاجلته.
فقال عمر: يا ابن عباس إني خشيت أن يأتي علي الذي هو آت (يعني الموت) وأنت في عملك فتقول هلم إلينا، ولا هلم إليكم دون غيركم، إني رأيت رسول الله استعمل الناس وترككم.
قال ابن عباس قلت: والله قد رأيت من ذلك فلم تراه فعل ذلك؟ قال عمر: والله ما أدري أضن بكم عن العمل فأهل ذلك أنتم، أم خشي أن تبايعوا بمنزلتكم منه فيقع العتاب ولا بد من عتاب. وقد فرغت لك من ذلك.
46 - خلاصة القصة إن عمر من فرط حرصه على مصلحة المسلمين وكراهيته لجمع الهاشميين النبوة والخلافة معا يريد حتى بعد موته أن يتأكد بأن الهاشميين لن يحكموا بعده أبدا، وبالتالي لا بد من إبعادهم عن الولاية والأعمال حتى لا يستغلوا هذه الأعمال والولايات بعد موت عمر فيدعون الناس لمبايعتهم!!! راجع كتابنا نظرية عدالة الصحابة والمرجعية السياسية في الإسلام صفحة 270 وما فوق.
وقد كرست دولة الخلافة كل وسائل إعلامها ومواردها لترسيخ هذه الأفكار في أذهان الناس وتنفيرهم من قيادة أهل البيت، ووضعت بديلا لذلك قيادة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم. حتى تلخص الموقف بسؤال وخيار محدد: فإما الثلاثة وإما أهل البيت، فاختار الناس الثلاثة، لأن وسائل إعلام الدولة وكل مواردها قد خصصت لإخفاء الشرعية على الواقع التاريخي، ولترجيح كفة أولئك الذين أسسوا النظام التاريخي على كفة أهل البيت!