11 - حادثة أخرى مشابهة مرض عمر نفسه طعن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، وقال طبيبه: لا أرى أن تمسي فما كنت فاعلا فافعل، قال لابنه عبد الله: ناولني الكتف فمحاها، وقال من شدة الوجع: والله لو كان لي ما طلعت عليه الشمس لافتديت به من هول المطلع، وكان رأسه في حجر ابنه عبد الله، فقال لابنه: ضع خدي بالأرض. فلم يفعل، فلطمه، وقال له: ضع خدي بالأرض لا أم لك، الويل لعمر ولأم عمر إن لم يغفر الله لعمر. راجع الإمامة والسياسية لابن قتيبة صفحة 21 و 22 والطبقات مجلد 2 صفحة 364، وكتابنا النظام السياسي صفحة 119 وما فوق.
وبالرغم من هذا الوجع الشديد الذي كان يعانيه (رضي الله عنه) فقد أوصى وصيته، ورتب أمر الشورى، واطمأن إلى أن عثمان هو الخليفة من بعده، واطمأن أن لا يتسلط هاشمي على رقاب الناس، وأمر بضرب عنق من خالف هذه التعليمات كما روى البلاذري في مجلد 5 صفحة 18، وكما جاء في مجلد 3 صفحة 247 من الطبقات لابن سعد. تلك حقيقة مسلم بها.
والسؤال: كيف يجوز لعمر (رضي الله عنه) أن يكتب ما يريد، وأن يقول ما يريد، وأن يوصي بما يريد، وهو على فراش الموت، وقد اشتد به الوجع، وينفذ قوله حرفيا، ولا يعترض عليه أحد، ولا يحول بينه وبين كتابة ما أراد أحد، ويحال بين الرسول وبين كتابة ما أراد بحجة أن المرض قد اشتد به، وبحجة أن القرآن وحده يكفي!!
كيف يكفي القرآن والنبي موجود، ولا يكفي القرآن والنبي غائب!!
إن هذا لشئ عجاب، يتعذر فهمه!!
ولقد عالجت هذا الأمر بصور متعددة في كتابي نظرية عدالة الصحابة والمرجعية السياسية في الإسلام - باب القيادة السياسية، وكذلك في كتاب النظام السياسي في الإسلام.