لها بعد وفاة نبيها، وليكون أهلا للجلوس في مقام النبوة المقدسة، وللقيام بوظائفها الملخصة، بالبيان، والقيادة، والمرجعية.
والأمة المؤمنة حقا، تبحث عن أنسب فرد من أفرادها الموجودين ليقوم بهذه المهام.
4 - الغاية فوق الطاقة، وفوق القدرة لا أحد في الدنيا ولا في الآخرة، لا في الأرض ولا في السماء يعرف على وجه الجزم واليقين الشخص الذي تبحث عنه الأمة ليكون إماما لها، لا أحد يعرفه يقينيا إلا الله.
لأن صفات الأعلم، والأفهم، والأتقى، والأخلص، والأفضل، والأنسب من بين الموجودين، كلها صفات خفية لا يعلمها علما يقينيا إلا الله، العالم بالسر وأخفى.
ومن هنا، فإن محاولة الأمة لتحديد المتصف بهذه الصفات فوق طاقتها، وتتجاوز قدرتها، حتى ولو اجتمعت على قلب رجل واحد، أو انفردت واحدا واحدا، لأن الشخص طبيعيا كالإنسان، أو اعتباريا كالأمة لا يملك إلا طاقته، وتجاوز حدود الطاقة دخول في أبواب التهلكة، ويؤدي لنتائج عكسية ومدمرة.
يحسن بمن أراد الوقوف على دقائق هذا الموضوع أن يقرأ كتابنا (نظرية عدالة الصحابة والمرجعية السياسية في الإسلام) فقد خصصنا هذا الكتاب كله لهذه الناحية، وأقمنا الدليل العقلي والشرعي على صحة ما قلناه.
5 - الرحمة الإلهية والمبايعة حبا من الله لأمة محمد، وحرصا منه على دين الإسلام وحسن نظامه، ورفعا منه للخلاف والاختلاف، اختص الله هذه الأمة، ودلها على المتصف بهذه الصفات ليكون قائدها السياسي، ومرجعها، أو ليكون إمامها وقدوتها.
وبعد أن تجلت الرحمة الإلهية، وحددت تحديدا يقينيا الشخص المتصف بصفات الإمامة، أو القيادة والمرجعية، تبادر الأمة على الفور بمبايعة هذا الشخص ليكون قائدا سياسيا ومرجعا لها معا، لأنها بعد التحديد قد عثرت على الحكم الشرعي، تماما كما يعثر القاضي على النص القانوني المفصل تفصيلا دقيقا على الواقعة المعروضة عليه،