وشكلت هذه البطون جيشا حارب النبي ثماني سنوات، ثم سلمت مكرهة بنبوة محمد الهاشمي، وعندما أعلن النبي ولاية علي استكثرت هذه البطون على الهاشميين أن يجمعوا النبوة والملك، وأن يحوزوا الفضلين معا، ولكن تجربة هذه البطون الطويلة مع النبي، وحروبها المتوالية مع الولي علمتها أن لمعصيتها ضريبة لا تقوى تلك البطون على دفعها مرتين، لذلك سلمت بالأمر بالواقع، واختارت الدعة وتمنت لو أن أقدارا خفية تغير على الأقل ولاية علي الهاشمي بعد أن أصبحت نبوة النبي قدرا من الأقدار لا طاقة على تغييره!!!
وبالتالي فإن البطون مهيأة نفسيا لمناصرة أي فارس يخرج من بين الصفوف ويتمرد على هذه الترتيبات التي جمعت للهاشميين النبوة والخلافة.
ولا ريب بأن بطون قريش لم تعارض هذا الترتيب علنا أثناء حياة الرسول.
30 - البطون تعقد الآمال على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما لقيادتها أبو بكر شخصية مرموقة، وبانتصار دعوة الإسلام أصبح عميد بطن بني تيم بغير منازع، وذاع صيته أثر هجرته مع النبي، وعلا مقامه لمصاهرته للنبي، حيث تزوج ابنته عائشة، وأسلم على يديه ثمانية من أولئك الذين قال عمر بن الخطاب عنهم بأنهم من المبشرين في الجنة، وحصر القيادة فيهم.
إنه لا يعقل أن يترأس الولي علي على أبي بكر، صحيح أن هاشما وبكل الموازين خير من تيم، وأن عليا كنفس رسول الله ولا يؤدي عن الرسول إلا علي كما أخبر رسول الله أبا بكر بالذات عندما أخذ منه سورة براءة وأعطاها لعلي، ولكن أبا بكر رجل كبير السن وعلي فتى، فهل من المعقول أن يترأس هذا الفتى على مشيخة قريش؟
وهل من المعقول أن يكون هذا الترتيب من الله؟ أم المعقول أنه ترتيب خاص رتبه النبي من تلقاء نفسه؟