والمهمة الأساسية للمرجعية والقيادة السياسية هي بيان أحكام المنظومة الحقوقية الإلهية بيانا قائما على الجزم واليقين، فالنبي كمرجع وكقائد يبين أحكام هذه المنظومة عين البيان الذي أراده الله، فهو المسؤول عن ترجمة نصوص وقواعد وغايات هذه المنظومة من النظرية إلى التطبيق، ومن الكلمة إلى الحركة على صعيدي الدعوة والدولة معا، وهو بنفس الوقت المسؤول عن قيادة مسيرة الأمة وترشيد حركتها السياسية، فبيان النبي جزء من المنظومة الإلهية، ويحسب من جملة مضامينها لأنه نبي.
ويمكنك القول بكل ارتياح: أن المنظومة الحقوقية الإلهية - وهي القانون النافذ - بمثابة السفينة، وأن المرجع والقائد السياسي بمثابة القبطان، وأن هذه المنظومة هي المخططات العامة والتفصيلية اللازمة لمشروع الإنقاذ الإلهي، والمرجع والقائد السياسي هو بمثابة المهندس الذي يتولى عملية توضيح وشرح هذه المخططات، وبيانها، وترجمتها عمليا إلى واقع مادي محسوس وملموس.
وإن شئت فقل: إن المرجع والقائد السياسي هو بمثابة معلم البناء، والمنظومة هي بمثابة المواد الأولية، إنه من الجنون حقا تحضير المواد الأولية اللازمة للبناء والشروع بالبناء دون مشورة المهندس ومعلم البناء، ولقد عالجت موضوع القيادة السياسية بمؤلف خاص، بعنوان (نظرية عدالة الصحابة والمرجعية السياسية في الإسلام)، وهو كتاب لا غنى عنه لمن أراد أن يقف على الحقائق المجردة في هذا المجال.
2 - المرجعية والقيادة السياسية اختصاص وعمل فني بحت بمعنى أن بيان المنظومة الحقوقية الإلهية وقيادة الأمة عملية فنية واختصاص تماما كالطب، والهندسة، وعلم الذرة، والفلك إلخ. فالمرجع والقائد السياسي معا هو الأعلم والأفهم بالمنظومة الحقوقية الإلهية، وهو الأفضل من بين أتباعها، وهو الأنسب لقيادة هؤلاء الأتباع، هذا هو وجه الاختصاص والفن بالمرجع والقائد السياسي، فهو أعلم أهل زمانه بالمنظومة الإلهية، وأكثر أهل زمانه إخلاصا لها،