بتجهيز النبي ليواري في ضراحه الأقدس حتى يتم الأمر بغيابهم ويواجهوا الآل الكرام بواقع جديد وبموقف موحد لا طاقة لهم على مواجهته، وهكذا كان فغلب الآل الكرام على أمرهم.
إن الخليفة الذي نصبته البطون رجل صالح من كل الوجوه، ومحترم من كل الوجوه، ومن أجلاء الصحابة الكرام، ولا (مطلق) لنا عليه، لكنه ليس هو الإمام الذي عينه الله ورسوله، وليس هو الشخص المجذر بالمنظومة الإلهية، وليس هو الشخص الذي يفهم المنظومة الحقوقية فهما قائما على الجزم واليقين، لأن الفهم القائم على الجزم واليقين اختصاص وعمل فني من كل الوجوه وهو صادر عن الأعلم والأفهم بالمنظومة والأفضل والأصلح من بين أتباعها وتلك صفات لا يعلمها إلا الله!
ومن هنا فإن الله تعالى حدده وبينه وأمر الرسول أن يعلن ذلك للناس فأعلنه الرسول مرات ومرات ومنها مرة بمكان يدعى غدير خم، ولا يوجد في العالم اسم مشابه لإسم هذا المكان حتى يتذكر الناس، وبمناسبة حجة الوداع حتى لا ينسى الناس، وأمام جمع يزيد على مائة ألف مسلم، وهو أكبر تجمع عرفه تاريخ الجزيرة آنذاك.
هذا هو وجه الاعتراض، فوجه الاعتراض منصب على مستقبل النظام، على عدم إعمال القواعد الشرعية، على طريقة التنصيب، على الإصرار باستعباد الذين لا تدرك الهداية إلا بهم، ولا تتجنب الضلالة إلا بهم!!! هذا هو فقط وجه الاعتراض.
51 - وجه الخلل فيما حدث الخليفة الذي نصبته البطون رجل صالح من كل الوجوه، ولكن ليس هو الخليفة الذي عينه الله وشهد له بأنه الأعلم والأفهم والأفضل والأصلح.
الخليفة الذي عينه الله ورسوله أصبح من الناحية الواقعية محكوما، ومهانا، ومظلوما، وواحدا من الرعية، ومجردا من كل سلطة، ولا حول بيده ولا قوة.
الخليفة الفعلي المتغلب عاجز عن فهم المنظومة الحقوقية الإلهية فهما قائما على الجزم واليقين، وفي نفس الوقت من اختصاصه الواقعي أن يطبقها على الرعية.